جُبِلَ الإنسان منذ بدء الخليقة على حبّ التملك وهي غريزةٌ أصيلةٌ موجودةٌ في الإنسان. وحقّ الملكية حقٌّ طبيعيٌّ وأساسيٌّ من الحقوق الإنسانية بحسب ما نصت عليه العهود والمواثيق الدولية ،وتم تقنينه في دساتير معظم الدول، فقد نصت لائحة حقوق الإنسان والمواطن إبان الثورة الفرنسية عام( ١٧٨٩ ) على أن (( الملكية حق مقدس لا يمكن المساس به ولا يجوز أن تنزع الملكية الخاصة لشخص إلا إذا كان ذلك للمصلحة العامة وطبقا للقانون على أن يكون مقابل دفع تعويض سابق وعادل )).
ورغم تغيّر مفهوم حق الملكية فيما بعد، نتيجة التطورات الاقتصادية في منتصف القرن التاسع عشر, من أنه حق مطلق ومقدس، إلى أنه وظيفة اجتماعية تمارس تحقيقا للمصلحة العامة، إلا أن الجميع متفق على ضرورة حماية حق الملكية الخاصة وعدم جواز المساس به وحرمان أحد من ممتلكاته إلا لمقتضيات المصلحة العامة وبشكل رسمي وقانوني ومن خلال اتخاذ الإجراءات القانونية ولقاء تعويضٍ عادل .
وبعد ما حصل في سوريا من انتهاكات هائلة وجسيمة لحق الملكية، رافقت الصراع الذي امتد لأكثر من عقد من الزمن ، والذي لا يزال مستمرا، وأدّى الى تشريد قرابة نصف السكان والتدمير الكبير للمساكن والممتلكات الخاصة والعامة، وما رافقه من عمليات تهجيرٍ قسري وتغييرٍ ديموغرافي وفي أنحاء متفرقة من سوريا.
ونظرا لأن التعدّي على حق الملكية، هو ليس فقط تعدٍّ على حق صانته العهود والمواثيق الدولية، بل له أثر كبير على مستقبل سوريا والسوريين ومستقبل الحل في سوريا وتحقيق السلم والأمن الاجتماعيين وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار .
رأينا انه من الضروري بمكان تسليط الضوء على حق الملكية والانتهاكات التي طالته في سوريا قبل وبعد الحرب وتأثيراتها المستقبلية وسبل الحل التي يمكن اللجوء إليها لمعالجة هذه المشكلات وردّ الحقوق إلى أصحابها وبالتالي الوصول الى سوريا مستقرة ولكل السوريين.
أكدت الاتفاقيات والمواثيق الدولية على أهمية حق الملكية والسكن وحظر التعدي عليها، إذ نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام (١٩٤٨)، والذي يمكن اعتباره الدستور العالمي المشترك، والذي يشكل مصدر إلهام لمعظم معاهدات حقوق الانسان ودساتير الدول في(المادة ١٧) منه :
(( لكل شخص حق التملك بمفرده او بالاشتراك مع غيره ولا يجوز تجريد احد من ملكه تعسفا )).
كما أن(المادة ٥ ) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام( ١٩٦٥ ) أكدت على ضرورة ضمان حق كل انسان دون تمييز بسبب العرق أو اللون او الأصل القومي أو الاثني في التمتع بحق الملكية بمفرده او بالاشتراك مع آخرين و بحق السكن .
كما أن مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية المتعلقة بشأن ردّ المساكن والممتلكات للاجئين والمشردين والمعروفة ( بمبادئ بينيرو ) نسبةً الى مقرر الأمم المتحدة الخاص الذي قاد عملية وضعها والتي تبنتها اللجنة الفرعية لحماية وتعزيز حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة عام( ٢٠٠٥ ) و تعتمدها الهيئات والمحاكم الدولية، حتى أصبح لها قوة إلزام على الصعيد الأممي، رغم انها لا تأخذ شكل المعاهدة الدولية، أكدت على وجوب توفير الحماية في جميع الظروف لأموال وممتلكات المشردين داخليا وبخاصة ضد النهب والاعتداءات المباشرة والعشوائية وأعمال العنف الأخرى أو استخدامها كدرع لعمليات او أهداف عسكرية أو أن تكون محل انتقام او تدميرها او الاستيلاء عليها كشكل من أشكال العقوبة الجماعية، وكذلك لا بد من توفير الحماية للأموال والممتلكات التي يتركها المشردون داخليا ورائهم وذلك من التدمير والاستيلاء التعسفي وغير القانوني وأيضا شغلها واستخدامها .
وتؤكد هذه المبادئ على الحق في استعادة الملكيات التي فقدت تعسفيا أو أن يتم التعويض عنها بقرار من محكمة مستقلة ونزيهة في حال استحالة الاستعادة على أرض الواقع .
أما حماية الممتلكات في زمن الحرب فإن (المادة٥٣) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام( ١٩٤٩ ) حظرت على دولة الاحتلال أن تدمّر أية ممتلكات خاصة ثابتة او منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة او التعاونية إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير .
كما أن البروتوكول الإضافي الأول لعام( ١٩٧٧ ) الملحق باتفاقيات جنيف الأربعة لعام( ١٩٤٩ ) أكدت في(المادة ٤٨ ) منه على ضرورة أن يعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية و ضرورة توجيه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها .
وكذلك فإن (المادة ٢) من اتفاقية لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام( ١٩٠٧ ) قد حظرت مهاجمة او قصف المدن والقرى والمساكن والمباني، و تشكل قاعدة التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية قاعدة عرفية وفق القانون الدولي الإنساني العرفي، الذي ألزم أطراف الصراع باحترام الملكية الخاصة وعدم مصادرتها .
كما أن (المادة٨-فقرة ٢ ) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام( ١٩٩٨ )، والذي دخل حيز التنفيذ عام( ٢٠٠٢ )، اعتبرت أن تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورات عسكرية هي جريمة حرب ولا سيما عندما ترتكب في إطار خطة او سياسة ممنهجة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق وينطبق هذا سواء تعلق الأمر بنزاع مسلح دولي او نزاع مسلح غير ذي طابع الدولي .
كما اعتبرت نفس المادة في فقرة أخرى عمليات النهب في سياق نزاع مسلح جريمة حرب .
كما أن حقوق الملكية للنازحين محمية بموجب القانون الدولي الإنساني العرفي وبموجب المادة /٣/ المشتركة بين اتفاقيات جنيف ويجب أن يحترمها جميع الأطراف دون تمييز.
ولم يقتصر تقنين حق الملكية على الاتفاقيات والمواثيق الدولية فقط، وإنما الاتفاقيات الاقليمية ايضا حرصت على تقنين هذا الحق .
الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام( ١٩٦٩ ) أكدت في ( المادة ٢١ ) منها على أن :
(( لكل انسان الحق في استعمال ملكه والتمتع به و بأنه لا يجوز تجريد احد من ملكه إلا بعد تعويض عادل له )).
وأقرّت ( المادة ٨ ) من الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان لعام( ١٩٥٠ ) حق الإنسان في احترام حياته الخاصة والعائلية ومسكنه،
و نصت ( المادة ٣١) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام( ٢٠٠٤ ) على أن:
(( ان حق الملكية الخاصة مكفول لكل شخص ويحظر في جميع الأحوال مصادرة امواله كلها او بعضها بصورة تعسفية وغير قانونية)).
كما أن ( المادة ١٤ ) من الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب نصت على أن حق الملكية مكفول ولا يجوز المساس به الا لضرورة أو مصلحة عامة طبقا لأحكام القوانين الصادرة في هذا الصدد .
اهتمت الدساتير السورية المتعاقبة شأنها شان معظم دساتير الدول بتقنين حق الملكية الخاصة وقد نصت معظم الدساتير السورية الدائمة والمؤقتة الى حماية حق الملكية مع تفاوت في مقدار الحماية تبعا للظروف والتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي واكبت وضع هذه الدساتير، فعلى سبيل المثال :
نص دستور عام( ١٩٢٠ ) وهو أول دستور سوري في ( المادة ٨ ) منه على ان (( أموال الافراد او الاشخاص الحكومية في ضمان القانون فلا يجوز للحكومة نزع ملكية المالك إلا للمنافع العامة بعد دفع التعويض وفقا لقوانينه )).
ويؤخذ على هذا الدستور أنه اعتبر الملكية الفردية في حماية القانون وليس الدستور، أما دستور عام (١٩٣٠ ) والذي وضع في ظل الانتداب الفرنسي فقد نص في ( المادة ١٣ ):
(( ان حق الملكية في حمى القانون فلا يجوز ان ينزع من أحد ملكه إلا للمصلحة العامة و في الأحوال المنصوص عليها في القانون بعد تعويضه تعويضا عادلا )).
ووفق ( المادة ١٤ ): (( المصادرة العامة في الأموال ممنوعة )).
ونجد أن هذا الدستور يختلف عن سابقه، بأنه أضاف شرطا بأن يكون التعويض عادلا، كما نص على عدم جواز المصادرة العامة في الأموال ولكنه ترك الملكية في حمى القانون وليس الدستور .
بينما نص دستور عام( ١٩٥٠ ) في ( المادة ٢١ ) منه على إن الملكية الخاصة مصونة ويعين القانون كيفية حيازتها والتصرف بها بحيث تؤدي وظيفتها ولا يسمح لأحد أن يستعمل الملكية الخاصة بشكل يتعارض مع المصلحة العامة , ويجوز الاستملاك بقصد النفع العام، ويتم بالاستناد الى قانون يتضمن اعطاء تعويض عادل .
( المادة ٢٢ ) : أ-نصت على وجوب استثمار الأرض وعند اهمالها مدة يحددها القانون يسقط حق التصرف بها .
ب- يعين بقانون حداً أعلى لحيازة الأراضي تصرفا او استثمارا بحسب المناطق، على أن لا يكون له مفعول رجعي .
( المادة ٢٣ ) :المصادرة العامة في الأموال ممنوعة -لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي - تجوز المصادرة الخاصة بقانون لضرورات الحرب والكوارث العامة .
ونرى أن هذا الدستور أعطى مفهوما مختلفا للملكية الفردية، إذ اعتبر أنها وظيفة اجتماعية، ونص لأول مرة على وجود حدّ أعلى لحيازة الأراضي وان عدم استثمار الأرض، يسقط حق التصرف بها .
أمُا دستور عام( ١٩٧٣ ) فقد قسم في ( المادة ١٣ ) الملكية الى ملكية الشعب و ملكية جماعية و ملكية فردية.
وفي ( المادة ١٤ ) اعتبرت أن الملكية الفردية تشمل الممتلكات الخاصة بالأفراد ويحدد القانون وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها مع مصالح الشعب .
أما ( المادة ١٥ ) فقد تحدثت عن حماية الملكية الفردية وعدم جواز نزعها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل ونص على منع المصادرة العامة وان المصادرة الخاصة لا تفرض الا بحكم قضائي او بقانون لقاء تعويض عادل، و لم يشترط في ذلك تحقيق المنفعة العامة .
أما دستور عام( ٢٠١٢ ) وهو الدستور الذي صدر بعد اندلاع الحرب في سوريا وما زال العمل به ساريا فلم يختلف كثيرا عن سابقاته من حيث المضمون وحتى رقم المادة مع إضافة أنه : في حالة انتزاع الملكية للمنفعة العامة او عندما تكون المصادرة الخاصة بقانون, لم يكتفِ بأن يكون التعويض عادلا وإنما أوجب أن يكون التعويض معادلا للقيمة الحقيقية للملكية, كما أن هذا الدستور تخلى عن مفهوم الوظيفة الاجتماعية للملكية الفردية.
كما أن القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم( ٨٤ ) لعام( ١٩٤٩ ) تحدث باسهاب عن حق الملكية، حيث ميّز بين المنقول والعقار وطرق اكتساب الملكية عليها و قسم العقارات الى عقارات بطبيعتها و عقارات بالتخصيص و ميّز بين الأملاك العامة والأملاك الخاصة.
وتحدث عن خصائص حق الملكية و سلطات المالك . وأعطى المالك سلطاتٍ واسعة على الشيء الذي يملكه، حق الاستعمال والاستغلال والتصرف (حق جامع ).
إذ نص في ( المادة ٧٦٨ ): (( لمالك الشيء وحده وفي حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه )).
وأكد أنه حق مانع (لمالك الشيء وحده) كما أكد على الوظيفة الاجتماعية للملكية عندما ذكر في حدود القانون ونطاق حق الملكية ( المواد ٧٦٩، ٧٧٠ ) و طرق انتقال الملكية وحماية حق الملكية وعدم جواز حرمان أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون و بالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل (المادة ٧٧١ ) .
والتي يمكن تقسيمها الى قوانين سالبة لحق الملكية و قوانين تحدّ من حق الملكية .
رغم أن النصوص الدستورية تنص على حماية الملكية الخاصة وعدم جواز نزعها إلا للمنفعة العامة ولقاء تعويض عادل، إلا أنه تم تجريد هذه النصوص من مضمونها وذلك بصدور العديد من القوانين في ظلها، تم بموجبها سلب الملكية من المالك احيانا بدون تعويض او بمقابل زهيد لا يتناسب مع قيمة العقار الحقيقية.
هكذا كان الحال في دولة يحكمها قانون الطوارئ منذ عام( ١٩٦٣) وحتى عام( ٢٠١١ ) حيث استبدل بقانون مكافحة الإرهاب، وفي ظل عدم وجود محكمة دستورية عليا حقيقية قادرة على البت في مدى دستورية القوانين الصادرة عن السلطة الحاكمة ومدى وجوبها وأحقيتها، وقادرة على إلغاء القوانين المخالفة للدستور, ولعل اولى القوانين السالبة للملكية كان قانون الإصلاح الزراعي( ١٦١ ) لعام( ١٩٥٨ )، والذي باشرت من خلاله سلطات الوحدة عمليات تأميم واسعة شملت مصانع وشركات ومصارف، والذي وضع حداً أعلى للملكية الزراعية بأنواعها البعلية والمروية و بأثر رجعي، ومنح الحق للدولة بالاستيلاء على المساحات الزائدة لقاء تعويض يحسب على اساس بدل إيجار الأرض وليس القيمة الحقيقية للعقار، والذي جاء زهيدا جدا و بعيداً عن العدالة، لتصبح تلك المساحات ملكاً للدولة، تقوم بتوزيعها على المنتفعين.
ولم يكن الاستيلاء هو الانتهاك الوحيد لهذا القانون، وانما ايضا تم استخدام هذا القانون لأهداف سياسية عبر توزيع الأراضي على أفراد من الحزب الحاكم، لكسب الشعبية للحزب وتوسيع حاضنته، وايضا يستخدم هذا القانون كوسيلة لارتكاب جريمة أخرى، هي تغيير الهندسة السكانية لمناطق شمال شرق سوريا، إذ أن تطبيقه في المناطق ذات الأغلبية أو الخصوصية الكردية ارتبطت بدوافع سياسية بدت جليّة في السنوات والمشاريع التي اعقبت صدوره.
فقد خضع تطبيقه لقرارات استثنائية صدرت عن مؤتمرات حزب البعث وخصوصا المؤتمر القطري الثالث وبطريقة انتقامية بعيدة عن قانون الاصلاح، حيث تم الاستيلاء وبشكل تعسفي على أملاك الملاكين الكُرد بنسبة اكبر من باقي المكونات، كما ان الأراضي المستولى عليها و المتاخمة للحدود لم تكن جميعها مملوكة للمشمولين بقانون الاصلاح الزراعي، بل كانت هناك مساحات صغيرة غير مشمولة، رغم ذلك تم الاستيلاء عليها وتم منحهم مساحات مماثلة بدلا عنها في مناطق اخرى بعيدة عن الحدود،
كما ان قانون الإصلاح أعطي المالك، الحق في تحديد مكان احتفاظه بالملكية الزائدة ( تحت السقف الذي حدده قانون الإصلاح )، ولكن ما حصل في المناطق القريبة من الشريط الحدودي، لم يسمح لهم في اختيار مكان العقارات التي يسمح لهم الاحتفاظ بها وانما أزيحوا الى الجنوب بعمق يتراوح بين( ١٠ - ١٥ ) كيلو متر، أما فيما يتعلق بتوزيع الاراضي المستولى عليها، فكان من شروطها حسب القانون نفسه، أن توزع على فلاحين من ذات القرية، ومن يتمتع بإقامة فعلية في المنطقة العقارية التي وقع الاستيلاء فيها ومن ثم أبناء القرى الاخرى. إلّا ان هذا أيضا لم يحدث، بل وزعت الاراضي على عوائل من العشائر العربية تبعد عشرات الكيلومترات، تم استقدامهم من مناطق اخرى وجرى توزيع الأراضي عليهم، وكان الهدف تنفيذ مشروع الحزام العربي بطول( ٣٠٠ كم ) وعرض من( ١٠ - ١٥ كم ) وتغيير ديموغرافية المنطقة.
صدرت بعدها قوانين استثنائية اخرى، ابرزها القانون الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (٩٣ ) تاريخ ١٩٦٢/٨/٢٣ المتضمن قرارا سياسيا بإجراء الإحصاء الاستثنائي للسكان في الحسكة، ما أدى إلى تجريد عشرات الالاف من الكرد السوريين من جنسياتهم وبالتالي استحالة تثبيت ملكية الأراضي للملاك الكرد الذين جردوا من جنسياتهم، الى جانب عدم حصولهم على الأراضي التي تم توزيعها بموجب قانون الاصلاح الزراعي.
ومن القوانين السالبة للملكية ايضا قانون تقسيم وعمران المدن رقم( ٩ ) لعام( ١٩٧٤ ) والذي نص على اقتطاع حتى نصف أراضي أصحاب الملكية الخاصة دون أي تعويض، كما أعطى الجهات الإدارية صلاحية اقتطاع اكثر من النصف دون حدّ أعلى، على ان يدفع لمالك العقار قيمة ما زاد عن النصف وفق احكام قانون الاستملاك، واعتبر هذا القانون أن الاملاك الداخلة ضمن المنطقة التنظيمية، تعتبر ملكاً شائعا بين جميع اصحاب الحقوق فيها، بحصص تعادل كل منها القيمة المقدرة لعقار كل منهم، وبالتالي يفقدون ملكيتهم الأصلية ليتحولوا الى مالكين على الشيوع لحصص سهمية تعادل القيمة المقدرة للعقارات.
ومن هذه القوانين ايضا قانون التوسع العمراني رقم (٦٠ ) لعام( ١٩٧٠ ) والمعدل بالمرسوم بالقانون( ٢٦ ) لعام( ٢٠٠٠ ) الذي منح الجهات الإدارية حق استملاك العقارات ضمن المناطق المقرر تنظيمها والتي لم يبادر اصحابها الى تقسيم عقاراتهم وافرازها ضمن مدة ثلاث سنوات والتي غالبا لن يستطيع اصحاب هذه العقارات اتخاذ هذا الاجراء لوجود الكثير من الإشكاليات الادارية والقانونية وبالتالي ستتعرض أملاكهم للاستملاك.
وكذلك قانون الاستملاك الصادر بالمرسوم التشريعي رقم( ٢٠ ) لعام( ١٩٨٣ ) والذي فسّر النفع العام تفسيرا فضفاضاً، بحيث شمل إضافة للمشاريع ذات النفع العام المنشآت الخاصة بحزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمات الشعبية وجميع المشاريع التي تدخل في نطاق اختصاص أي جهة من الجهات العامة والقطاع العام ومهماتها المحددة في القوانين والأنظمة النافذة ووفق خطة الدولة المقررة اصولا (المادة ٣ ). وتوسع هذا القانون في مجالات واسباب الاستملاك وبالتالي أصبحت الأملاك الخاصة عرضةً للاستملاك بموجب هذا القانون مقابل تعويض يقدّر وفق أحكام القانون رقم( ٣ ) لعام( ١٩٧٦ ) والذي كان غالبا غير عادل،كما أن هذا القانون قطع الطريق على القضاء للبحث في قانونية قرارات الاستملاك، بأن جعل من مرسوم الاستملاك مبرما لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة ( المادة ٧ ).
وايضا قانون استصلاح الأراضي رقم(٣ ) لعام( ١٩٨٤ ) الذي أعطى وزير الري صلاحية اعلان وجود نفع عام في استصلاح الأراضي في أي منطقة من مناطق القطر العربي السوري، وتؤلف هذه الأراضي المشمولة بالقرار ملكاً شائعاً مشتركاً بين أصحاب الحقوق لكل منهم بحسب المساحة التي يملكها، ومن ثم استصلاح هذه الأراضي واقتطاع جزء مجاني منها ومن ثم اعادتها الى اصحابها بعد الاستيلاء على ما زاد عن الحدّ الاعلى (١٦ هكتار).
وفي الصدد ذاته ، يمكننا أيضا اضافة قانون الطوارئ الصادر بالمرسوم التشريعي رقم( ٥١ )لعام( ١٩٦٢ )الى هذه القوانين، فقد نص في ( المادة ٤ ) منه على حق الحاكم العرفي الاستيلاء على أي منقول أو عقار و فرض الحراسة المؤقتة على الشركات والمؤسسات وتأجيل الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما يجري الاستيلاء عليه. و بموجب هذا النص تم الاستيلاء على العديد من العقارات للمعارضين السياسيين دون أي تعويض .
أما القوانين التي تحد من حق الملكية فيمكننا ذكر القوانين المتعلقة بقيود التملك في المناطق الحدودية المرسوم( ١٩٣ ) لعام( ١٩٥٢ )والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم( ١٣٦ ) تاريخ ١١/١١/ ١٩٦٤ والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم( ٤١ ) لعام ( ٢٠٠٥ ) والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم ( ٤٩ ) لعام ( ٢٠٠٨) والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم ( ٤٣ ) لعام ( ٢٠١١ )، والذي نص على:
عدم جواز إنشاء أو نقل او تعديل او اكتساب أي حق عيني عقاري على أرض كائنة في منطقة حدودية وكذلك منع الاستثمار الزراعي لمدة تزيد عن ثلاث سنوات إلا بموجب ترخيص مسبق يصدر عن وزير الداخلية بناء على اقتراح من وزير الزراعة والاصلاح الزراعي و بعد موافقة وزير الدفاع، وإن رفض وزير الداخلية للترخيص هو قطعي وغير قابل لأي من طرق المراجعة.
والجدير بالذكر أن المرسوم( ١٣٦ ) تاريخ ١١/١١/ ١٩٦٤ يعتبر محافظة الحسكة بالكامل منطقة حدودية.
ومن القوانين التي تحد من حق الملكية، قانون الايجار الصادر بالمرسوم التشريعي( ١١١ ) لعام ( ١٩٥٢ ) والذي استمر العمل به قرابة النصف قرن، مع إجراء بعض التعديلات عليه.
والذي تضمن قاعدتي التمديد الحكمي لمدة عقد الايجار وتحديد الأجور بنسب مئوية من قيمة العقار إضافة الى حصر حالات الاخلاء وبالتالي منع المالك من استغلال واستعمال ملكه.
وكذلك قانون تنظيم وبيع الأراضي رقم( ٣ ) لعام( ١٩٧٦ ) الذي نص على منع من يشتري أرضاً تقع ضمن حدود مخطط تنظيمي عام أو ضمن مناطق الاصطياف بيعها كليا أو جزئيا الا بعد بنائها، مع جواز بيعها للجهات العامة.
كما راينا سابقا, ان مسألة الاعتداء على حق الملكية وخاصة العقارية منها ليست جديدة في سوريا، ولكن الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد فاقمت من حجم المشكلة و جعلتها تطفو على السطح مجددا، هذه الحرب التي طالت كل شيء، البشر، الشجر، الحجر، والتي أدت الى الحاق ضرر جسيم بالبنى التحتية وتدمير عشرات الآلاف من المساكن والممتلكات الخاصة والعامة، نتيجة العمليات العسكرية والغارات الجوية والقصف العشوائي للمدن والمناطق السكنية ومن مختلف أطراف النزاع السوري .
إذ أدت الى تدمير( ٤٠٪ ) من البنية التحتية للبلاد، و تجاوزت الخسائر( ٥٠٠ مليار دولار ) وأدت الى مقتل ( ٤٩٤٤٣٨ ) شخص، وثقها المرصد السوري لحقوق الإنسان في آخر حصيلة له نشرها بتاريخ ٣٠/٥/ ٢٠٢١ , والعدد الحقيقي اكثر من ذلك بكثير لوجود معتقلين عددهم ( ١٥٢٣٤٢ ) متبقين في سجون النظام السوري، اضافة الى ( ١٢٨٠٧٤ ) شخص مغيب قسريا، لا يعرف مصيرهم بحسب تقرير المرصد السوري في آذار( ٢٠٢١ ) اضافة الى اعداد اخرى في سجون المعارضة السورية .
كما أسفرت الحرب عن إصابة ( ٢،١ ) مليون شخص، وتسببت للكثير منهم بإعاقات دائمة، وتشريد ما يقرب من نصف السكان بين ( ٥،٥ ) مليون لاجئ و( ٦،٧ ) مليون نازح داخليا بحسب تقرير منظمة العفو الدولية لعام ٢٠٢٠-٢٠٢١، تخللتها انتهاكات هائلة طالت كل شيء وأصبحت جميع حقوق الإنسان عرضةً للانتهاك، بما فيها حق الملكية، اضافة الى انقسام البلد الى (٦) مناطق للنفوذ وتبادل السيطرة عليها وممارسة جميع أطراف النزاع و بنسب متفاوتة للسرقة و النهب والمصادرة الاعتباطية و غصب العقارات و أصبحت مسألة إمكانية حفاظ الشخص على ممتلكاته بعد نجاحه بالحفاظ على حياته امراً في غاية الصعوبة .
أصدرت الحكومة مجموعة من القوانين، أقل ما يمكن أن يقال عنها انها مخالفة للدستور، ويعتبرها الكثيرون أنها وسيلة للانتقام من المعارضين والاستيلاء على املاكهم.
ومن هذه القوانين قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالمرسوم التشريعي رقم( ١٩ ) لعام ٢٠١٢ والذي حلّ محل قانون الطوارئ، واعتبره الكثيرون انه أسوأ منه بكثير، والذي عرّف العمل الارهابي والمنظمة الارهابية وتمويل الارهاب، ووضع معايير فضفاضة للفعل الإرهابي وعقوبات تطال كل من يرتبط به، وتم إحداث محكمة مكافحة الإرهاب بموجب القانون رقم( ٢٢ )لعام ٢٠١٢, و هي محكمة استثنائية بديلة لمحكمة أمن الدولة، التي ألغيت قبل إحداث هذه المحكمة، ولا تتقيد بالأصول المنصوص عليها في القوانين النافذة.
أما أثر هذا القانون على حق الملكية، فقد نصّ على حق النائب العام أو من يفوضه، أن يأمر بتجميد الاموال المنقولة وغير المنقولة لكل من يرتكب احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، إذا كانت هناك دلائل كافية على ذلك ضمانا لحقوق الدولة والمتضررين، كما ينص على انّه: في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون تحكم المحكمة بحكم الإدانة، تحكم بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها والأشياء التي استخدمت او التي كانت معدة لاستخدامها في ارتكاب الجريمة ( المواد ١١ و ١٢).
وبالتالي يطلق اليد للمصادرة العامة للأموال الخاصة، بذريعة الارهاب، ومن المعلوم ان الحكومة السورية تعتبر عمليا, ان كل معارض لها هو إرهابي، و بموجب هذا القانون تمت مصادرة أموال الكثير من المعارضين، حتى من لم يحمل السلاح منهم، مثل فيصل القاسم وتوفيق حلاق ومي سكاف وعلا عباس و أعضاء الائتلاف السوري المعارض وعشرات الآلاف من المعارضين في مناطق درعا وريف دمشق وحمص وحماه وإدلب وحلب.
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها بتاريخ ٢٠٢١/٤/٨ أن السلطات السورية صادرت بشكل غير قانوني منازل وأراضي السوريين الذين فروا من الهجمات السورية الروسية في محافظتي ادلب وحماه.
وشاركت ميليشيات موالية للحكومة و الاتحاد العام للفلاحين في الاستيلاء على هذه الأراضي وبيعها بالمزاد العلني لمؤيدي الحكومة.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فقد استولت السلطات في إدلب على ما لا يقل عن (٤٤) ألف هكتار من الأراضي الزراعية بعد سيطرتها على المنطقة وذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا في تقريرها الخاص بالدورة ( ٤٠ ) تاريخ ٢٠١٩/١/٣١ ( الفقرة ٨٠ منه) أنّ اللجنة وثّقت عددا من الحوادث، صادرت الدولة فيها ممتلكات في محافظات حلب ودمشق وحماة وحمص وريف دمشق والسويداء، عملا بأحكام قانون مكافحة الإرهاب وافيد ان (٧٠) الف سوري يواجهون قرار تجميد الأموال من جانب وزارة المالية خلال العامين الفائتين فقط.
وفي الفقرة (٨١) ذكرت أنه في بعض الحالات جرى تعديل القرارات التي اتخذتها محكمة مكافحة الإرهاب في مصادرة الممتلكات لكي تشمل زوجات والأولاد الذكور للمدانين بارتكاب أعمال إرهابية (٨٢), ويبدو أن نطاق الأفعال المذكورة في قانون مكافحة الإرهاب هو أوسع مما ينبغي و يحتوي على أحكام شاملة قد تؤثر على آلاف آخرين من المدنيين السوريين. وأكدت في تقريرها الخاص بالدورة (٤٩) تاريخ ٢٠٢٢/٢/٨ (الفقرات ٤٥- ٥٠ منه) على استمرار اغتصاب حقوق المالكين النازحين في الاراضي والممتلكات عن طريق المزادات العلنية في المناطق التي استعادتها القوات الحكومية في محافظات حماه ودير الزور وإدلب وشملت قوائم المزادات التي وثقتها اللجنة اكثر من ( ١٤٤٠) مالكا و ( ٣٣،٦٠٠ ) دونم في ثماني بلدات في حماه وأكثر من ( ١٠،٠٠٠ ) دونم من الأراضي في ثلاث بلدات في دير الزور وما لا يقل عن ( ٦١،٩٩٠ ) دونما من الأراضي في إدلب .
وفي تقريرها الخاص بالدورة( ٥١ ) تاريخ ٢٠٢٢/٨/١٧ تحدثت اللجنة في الفقرات ( ٢٧ -٣٠ منه ) عن شرط الحصول على تصريح أمني لدخول المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية وشرط مسبق للحصول على حقوق الملكية والسكن الاصلية، والتي يمكن فرضها بطريقة تمييزية، مما أدى إلى حرمان الكثير من حقوقهم في السكن والأرض والملكية وحرية التنقل. واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها بتاريخ ٢٠١٩/٧/١٦ إن مصادرة أموال المشتبه بهم هو عقاب جماعي لأسر بأكملها مرتبطين بأشخاص مدرجين على لائحة الإرهاب، واعتبرت ان هذا المرسوم يتنافى مع نية الحكومة المعلنة في تشجيع عودة السوريين الهاربين الى سوريا، وان سوريا لن تكون آمنة مستقرة طالما انّ قوانينها وممارساتها تنتهك حقوق الناس.
كما اصدرت المرسوم التشريعي رقم( ٦٣ )لعام ٢٠١٢ والذي خولت بموجبه سلطات الضابطة العدلية أثناء إجراء تحقيقات بخصوص الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي وكذلك الجرائم الواردة في قانون مكافحة الارهاب، الحق في مخاطبة وزارة المالية وطلب اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتهم وكذلك إعطاء الحق للنيابة العامة و لقاضي التحقيق اتخاذ هذه الإجراءات بما في ذلك المنع من السفر, كل هذا وهو ما زال قيد التحقيق.
وكذلك أصدرت الحكومة السورية القانون رقم( ١٠ ) لعام ٢٠١٨ المعدل للمرسوم التشريعي رقم( ٦٦) لعام ٢٠١٢ الخاص بإنشاء مناطق تنظيمية جديدة في أية مدينة سورية والذي أثار مخاوف السوريين وواجه انتقادات شديدة من السوريين ومن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، كون هذا القانون يفرض على المالك مجموعة من الالتزامات للحفاظ على حقه بالملكية كتقديم وثائق الملكية و انتخاب الخبراء و حق الاعتراض على قرارات لجنة تقدير العقار وخلال مهلة شهر واحد ومددت لتصبح سنة واحدة بعد صدور المرسوم التشريعي رقم (٤٢) لعام ٢٠١٨ والا سيخسرون ملكية هذه العقارات لصالح الدولة، مما يجعل من المستحيل عليهم الوفاء بتلك الالتزامات، وخاصة و أن نصف الشعب السوري مشرد بين نازح ولاجئ ولا يملكون وثائق ملكية ناهيك عن ان جلّهم مطلوبون لجهات أمنية وخوفهم من مراجعة اية دائرة من دوائر الدولة، عدا القتلى والمغيبون قسريا .
كما ان الوكالات التي تنظم في الخارج يجب تصديقها بعد دراسة أمنية والغالبية العظمى منها يتم رفضها، ومع العلم ان العديد من السجلات العقارية وسجلات المحاكم ووثائق الكاتب بالعدل المثبتة للملكية سُرقت او حُرقت او اُتلفت.
وقالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا في تقرير لها خاص بالدورة (٣٩) لانعقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة، تاريخ ٢٠١٨/٩/٢٨ الفقرة ( ٩١) أن القانون رقم (١٠) لا يأخذ في الحسبان حالة الاشخاص المشردين و مسألة الاشخاص المفقودين او الأسر التي تعيلها امرأة والصفقات التي تجرى بحسن نية في مجالات تخضع لرقابة الحكومة او الحواجز امام الملكية عن بعد او عدم وجود وثائق سجل مدني لجزء كبير من النازحين . وجاء المرسوم ٢٣٧ تاريخ ٢٠٢١/٩/١٤ الخاص بتنظيم مدخل دمشق الشمالي بما في ذلك اجزاء من القابون وحرستا كخطوة اضافية نحو تمكين نزع الملكية في اجزاء من المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة ودون اية اشارة الى القانون رقم ١٠ لعام ٢٠١٨ الذي ينص على اعادة تنظيم الاراضي مع السماح بنزع الملكية لقاء تعويض او حصة سهمية.
كما ان المرسوم (١٩ ) لعام ٢٠١٢ المتعلق بقانون مكافحه الارهاب يجيز للدولة ان تصادر ممتلكات الاشخاص الذين يدانون بالجرائم وتجري الان تحقيقات بشان هذه التطورات القانونية.
وكذلك قانون خدمة العلم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم ٣٠ لعام ٢٠٠٧ والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم ٣٥ لعام ٢٠١٧ والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم ٣٩ لعام ٢٠١٩ والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم ٣١ لعام ٢٠٢٠ والذي نص على القاء الحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلفين بخدمة العلم الذين امتنعوا عن دفع بدل فوات الخدمة البالغ ( ٨٠٠٠ ) دولار امريكي خلال مدة ثلاثة أشهر تبدأ من اليوم التالي لتجاوز السن المحددة (٤٢ سنة ) إضافة إلى ( ٢٠٠ ) دولار امريكي عن كل سنة تأخير على ألا يتجاوز مجموع غرامات التأخير ( ٢٠٠٠ ) دولار .
وكان رئيس فرع الإعفاء و البدل في الجيش السوري قد ظهر في تسجيل مصور بتاريخ ٢٠٢١/٢/٤ قال من خلاله : ان المواطن الذي تجاوز ٤٢ عاما من العمر ولم يلتحق بالخدمة العسكرية لن يعفى الا بدفع البدل النقدي والا فإن العقوبة ستكون بالحجز التنفيذي على أمواله وأموال أهله او ذويه وكل من يخصه . وربما هو نوع من الابتزاز او التهديد لدفع المكلفين الى سداد البدل، إذ لا يوجد في نص المرسوم ما يشير إلى الحجز على أموال غير المكلفين، وكان (المرسوم ٣٥) ينص على القاء الحجز الاحتياطي على أموال المكلف وعُدِّل ليصبح حجزاً تنفيذياً والمصادرة الفورية دون سابق انذار في المرسوم ٣٩ وأتاح تجميد أموال الزوجة والأبناء إلى حين البت في مصدرها ومن ثم مصادرتها عندما نص في (المرسوم ٣١) على جباية هذه الأموال وفقا لقانون جباية الاموال العامة.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش ان هذه القوانين هي وسيلة للانتقام من المعارضين السياسيين والمدنيين الذين فروا من البلاد وان الحكومة سنت قوانين غير عادلة للحصول على المال بأي شكل من الأشكال .
هذا عن الانتهاكات بسند قانوني وتحت ستار القانون، اما التي ارتكبت خارج القانون فحدث ولا حرج، نبدأ بتدمير عشرات الآلاف من المنازل والمساكن والممتلكات نتيجة القصف العشوائي بالطائرات والبراميل وقذائف المدفعية دون تمييز بين الأهداف والأعيان المدنية والعسكرية، ما ادى الى تشريد مئات الآلاف من المدنيين وتم الاستيلاء على ممتلكاتهم من قبل قوات الجيش والميليشيات المواليةلو، ومنع عودة الكثير منهم الى مناطقهم كما في القصير و احياء حمص القديمة وريف دمشق ودرعا اضافة الى محاصرة المدن وتجويع قاطنيها وإجبارهم على توقيع اتفاقيات هدنة أو مصالحة، خرج بموجبها عشرات الالاف من ريف دمشق الى الشمال السوري تاركين ممتلكاتهم خلفهم والتي استولى عليها عناصر الجيش والمليشيات الموالية وجرى التضييق على الأهالي وتهديدهم بالاعتقال وافتعال الحرائق كما في دمشق القديمة لدفعهم الى النزوح او بيع ممتلكاتهم مما أثار مخاوف السوريين من عمليات تغيير ديموغرافي لمناطق عديدة وخاصة بعد ان كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن ما يسمى بالمجتمع المتجانس وسوريا المفيدة، وبعد ان قال الرئيس السوري في خطاب له في ٢٠١٥/٧/٢٦ انّ الوطن ليس لمن يسكن فيه وليس لمن يحمل جواز سفره او جنسيته، الوطن لمن يدافع عنه .
إضافة الى تعديل قانون تملك الأجانب في شباط الفائت لتخفيف القيود على تملك الأجانب مع حق مجلس الوزراء منح استثناءات كمكافأة للميليشيات التي قاتلت الى جانبه، ولو أن الأمر برأيي لا يحتاج الى قانون جديد لان جلّ عناصر هذه الميليشيات قد تم منحهم بطاقة هوية سورية.
ولا ننسى عمليات السلب والنهب والتي أصبحت تعرف بالتعفيش، وأصبحت علامة مسجلة باسم السوريين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم موالاة ومعارضة، والتي تجري كلما تمت السيطرة على منطقة جديدة وتشمل كل شيء يجدونه أمامهم من محتويات المنازل والمحال التجارية، آليات، مواشي، والتي أصبحت زاوية ثابتة ايضا في كل التقارير التي تصدر عن لجان ومنظمات حقوق الانسان المحلية والدولية ، إضافة الى حالات غصب العقارات من قبل عناصر الأفرع الأمنية ووحدات الجيش والشبيحة . وأكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقريرها الخاص بالدورة ( ٤٩ ) لمجلس حقوق الانسان تاريخ ٢٠٢٢/٢/٨ في الفقرات ( ٣١ -٣٢ منه ) على مواصلة الجيش السوري استخدام الممتلكات الخاصة التي حُجزت في السابق بما فيها التي لم تعد قريبة من الخطوط الأمامية في محافظتي حماه ودير الزور واستخدمت بعضها لإيواء أسر العسكريين وتحدثت ايضا عن عمليات نهب واسعة من قبل الجيش السوري في أيار ٢٠٢١ في المناطق التي استعادتها الحكومة في محيط الحسكة واعتبرت ان عمليات حجز القوات الحكومية للممتلكات الخاصة قد ترقى إلى مستوى النهب وهو ما يعد جريمة حرب.
وهناك مسألة أخرى في غاية الأهمية يجب التطرق اليها، وهي آلاف عمليات البيع والشراء التي تمت نتيجة عقود بيع مزورة واستغلال غياب المالك والثغرات القانونية و فساد بعض القضاة والمحامين وموظفي دوائر الدولة .
اضافة الى ان عمليات البيع والشراء التي تمت في المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة في درعا و ريف دمشق وحمص وحماة وإدلب وحلب و المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية أو ما يعرف ب ( قسد ) وخاصة بعد ان أدلى وزير الإدارة المحلية حسين مخلوف بتصريح في نيسان ٢٠١٨ اعتبر فيه أن جميع العقود التي تمت خلال سيطرة المعارضة باطلة.
كما أن المجالس المحلية في عفرين و راس العين وتل أبيض لا تعترف ايضا بالعقود التي أُبرمت في فترة سيطرة القوات الكردية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو:
ما مصير كل تلك العقود وهي بعشرات الالاف؟؟؟.
تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في نيسان ٢٠١٨ قال:
السجل العقاري في دوما وحده وثق ( ٩٢٠٠ ) عقد بيع في الفترة ما بين ٢٠١٣ _ ٢٠١٨.
فكيف لهؤلاء الحفاظ على حقوقهم والمؤسسات الحكومية لا تعترف بالوثائق التي تثبت ملكيتهم و يتخوفون اصلا من ابرازها ولو على سبيل الاستئناس لكي لا يتعرضوا للمساءلة والاعتقال واتهامهم بالتعاون مع جهات ارهابية، واحيانا تتم مصادرة ممتلكات المتهمين بالإرهاب و لا يجرؤ الشاري على ذكر أنه اشترى العقار خوفا من تهمة التعامل مع الارهابي .
ومسألة توثيق البيع من جديد لدى مؤسسات النظام صعبة ايضا، كون الكثير من أطراف هذه العقود اما قُتل او اُعتقل او نزح إلى منطقة أخرى. كما أن الكثير منهم يتخوفون من مراجعة أية دائرة من دوائر الدولة لان اجراء اية معاملة يحتاج إلى موافقة أمنية والكثير منهم مطلوبون لجهات أمنية.
فقد صدر القرار ( ٤٥٥٤ ) بتاريخ ٢٠١٥/٨/٤ عن رئاسة مجلس الوزراء والقاضي من حيث النتيجة، بضرورة الحصول على موافقة مسبقة من الجهات الأمنية المختصة في حال بيع العقارات المخصصة للسكن أو المخصصة للنشاط التجاري في المناطق المنظمة وغير المنظمة، وذلك بصرف النظر عن صفة أطراف العلاقة. كما صدر تعميم من وزارة العدل في ٢٠٢١/٩/١٥ ينصل على وجوب الحصول على موافقات امنية لإدارة حقوق الأقارب الغائبين او المفقودين، الأمر الذي كان له تأثير إضافي على حقوق المالكين النازحين.
أدت المعارك التي خاضتها قوات سورية الديمقراطية بمساندة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ) في مناطق ريف حلب الشمالي وصولا الى الرقة والحسكة ودير الزور الى تدمير الاف المنازل والمساكن والممتلكات الخاصة نتيجة العمليات الحربية والقصف الجوي الذي رافقه من قبل قوات التحالف الدولي ,وأدت إلى تهجير عشرات الآلاف من السكان المدنيين.
وبحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية في ٢٠١٩/٤/٢٥ أدى قصف مدينة الرقة من قبل قوات التحالف الى مقتل ما يزيد عن ( ١٦٠٠ ) مدني وتدمير اكثر من ( ١١ ) ألف منزل و هناك أحياء سُويت بالأرض.
وذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في تقريرها الخاص بالدورة ( ٣٧ ) لمجلس حقوق الانسان بتاريخ ٢٠١٨/٨/١ حجم الدمار الكبير الذي طال مدينتي الرقة ودير الزور نتيجة القصف الجوي من قبل قوات التحالف وفرار أكثر من ( ٣٢٠ ) ألف شخص من سكان الرقة ودير الزور احتجزت منهم قسد ( ٨٠ ) ألف شخص بغية التحقيق معهم عن وجود صلات مع داعش، كما ذكر ان الالغام التي زرعتها داعش والمتفجرات التي خلفتها غارات التحالف حالت دون إمكانية عودة اللاجئين المدنيين الى ديارهم . ودعت اللجنة قوات التحالف لأخذ احتياطات أكبر و والتمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية .
كما قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها عام ٢٠١٥ ´ أن قوات سوريا الديمقراطية دمرت وحرقت منازل في ( ١٠ ) قرى منها تل حميس والحسينية والسلوك بعد تحريرها من داعش وقامت بترحيل سكانها ومنعتهم من العودة بحجة الانتماء لداعش.
كما ذكر تقرير لجنه حقوق الانسان في سوريا ´ان قوات سورية الديمقراطية هجّرت سكان عرب من بلدة صرّين ومن قرى في تل أبيض بنفس التهمة´.
كما أن عملية السيطرة على مناطق تلرفعت والشهباء ومنغ بمساندة القصف الروسي في شباط ٢٠١٦ أدت إلى نزوح الآلاف من سكان تلك المنطقة وفيما بعد تم اسكان الكثير من نازحي عفرين في بيوت ومساكن هؤلاء النازحين .
كما ان الادارة الذاتية حاولت تقليد أساليب النظام في الاستيلاء على الممتلكات عبر القوانين, اذ اصدرت قانون بمسمى ادارة وحماية أملاك الغائبين رقم (٧) تاريخ ٢٠٢٠/٨/٥ الا أنها سرعان ما عادت وقررت الغائه بعد اسبوع واحد فقط، بسبب ما أثاره القانون من ردود فعل وانتقادات من المنظمات الحقوقية والقانونية ومنظمات المجتمع المدني وربما ضغط الجهات الدولية الداعمة للادارة.
والحقيقة أن الانتهاكات التي طالت حق الملكية في مناطق الادارة الذاتية هي قليلة نسبيا بالمقارنة مع المناطق الاخرى، واغلب تلك الانتهاكات بستند تبرير الادارة حيال حدوثها، الى عملياتها العسكرية في حربها مع داعش ولا يخلو الامر من ممارسات فردية وحالات السلب والنهب التي رافقت العمليات العسكرية.
إذ وبعد بحث مطول في تقارير لمنظمات مستقلة وذات مصداقية توثق حالات الاعتداء على الملكية الخاصة، لم نجد بهذا الشأن سوى تقرير لمنظمة العفو الدولية في ٢٠١٥ و آخر للجنة حقوق الانسان في سوريا، علما بأن هناك تقارير كثيرة، توثق انتهاكات أخرى في المناطق الآنفة ذكرها، إلا أنها ليست موضوع بحثنا، كالاعتقالات والتعذيب و تجنيد القاصرين والفساد المالي والاداري .
يسيطر على هذه المنطقة فعليا أكثر من ( ٧٠% منها ) هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة سابقا ) ويحكمها عبر ذراعها حكومة الانقاذ السورية والى جانب الهيئة توجد الجبهة الوطنية للتحرير وفصائل صغيرة أخرى كالحزب التركستاني .
وحدث فيها ايضا انتهاكات كثيرة طالت حق الملكية الخاصة، سببها الاول المعارك مع النظام السوري و القصف السوري الروسي المستمر والذي ادى الى تدمير المنازل والممتلكات الخاصة, والجدير ذكره هنا، أنّ الاتفاق الروسي التركي القاضي بفتح طريقي ( M5-M4 ) ادى الى سيطرة النظام السوري على المزيد من المناطق كسراقب و المعرة و نزوح عشرات الآلاف من السكان باتجاه المخيمات في الشمال السوري والى مناطق سيطرة الاحتلال التركي ( درع الفرات - غصن الزيتون - نبع الفرات ) تاركين أملاكهم خلفهم اضافة الى الاقتتال المستمر بين الفصائل و التي تكفر كل منها الاْخرى وتعتبرها مرتدة و عمليات السلب والنهب للاْملاك الخاصة والعامة التي ترافقها والتي تعتبرها غنائم حرب .
وسببها الثاني اتباع هيئة تحرير الشام في مناطق سيطرتها سياسات مختلفة للاستيلاء على ممتلكات المدنيين ومصادرتها بشكل مشابه لما مارسه النظام السوري .
فقد قامت بمصادرة الاْراضي والعقارات العائدة ملكيتها لمدنيين يقطنون في مناطق النظام بحجة أنهم شبيحة وان هذه الاموال تهدف الى اثراء القائمين عليها .
فعلى سبيل المثال في العام ٢٠١٨ صادرت ( ١٥ ) منزلا في كفر زيتا بريف حماه الشمالي بحجة أن ملكيتها تعود لموالين لنظام الأسد .
وفي العام ٢٠١٩ صارت أكثر من ( ١٦ ) منزلا ومحلا تجاريا في ريف حماة و( ٦٠ ) منزلا في كفر نبوذة بريف حماة الشمالي والغربي ,
, وقامت بمصادرة ( ٥٢ ) شقة سكنية في ناحية الزيارة بريف حماة بحسب تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في ٢٠١٩/٤/١٢ , كما صادرت الأراضي الزراعية في منطقة سد قسطون وقامت بتاْجيرها للمزارعين بأسعار متفاوتة , وايضا صادرت أملاك المسيحيين تحت بند (أموال النصارى ) والتي تدرجها تحت عنوان الغنائم وأن لها الاْحقيه في تملّكها وتأجيرها والاستحواذ عليها .
في حين صادرت ( ٥٥٠ ) منزلا ومحلا تجاريا في مدينة ادلب تعود ملكيتها للمسيحيين بحجة عدم تواجدهم في المدينة كما استولت على الكنيسة الوحيدة في المدينة وأجّرت جزء منها , كما صادرت هيئة تحرير الشام و تنظيم حراس الدين و الحزب الإسلامي التركستاني أكثر من ( ٧٥٠ ) منزلا و محلا تجاريا في جسر الشغور تعود ملكيتها لمسيحيين اْيضا وقامت بإسكان عوائل عناصرها في بعض منها .
( حسب تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في (٢٠١٩/١٠/١٠ ) .
و وصفتها لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا في تقريرها لعام ٢٠٢٠ : ( بانها عمليات إخلاء قسري من المنازل على اْساس الهوية الطائفية ) . وأكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقريرها الخاص بالدورة ( ٤٩ ) تاريخ ٢٠٢٢/٢/٨ ( الفقرة ٧٢ -٧٣ ) وتقريرها الخاص الدورة ( ٥١ ) تاريخ ٢٠٢٢/٨/١٧ (الفقرة ٦١ ) على حجز هيئة تحرير الشام على املاك الأقلية المسيحية ومن يُعتقد بأنهم مؤيدون للنظام او معارضون لهيئة تحرير الشام من اراضي ومنازل وتخصيصها لمقاتليها او تأجيرها للأسر النازحة واعتبرت انها ترقى الى جريمة الحرب المتمثلة بالنهب.
وقامت الهيئة ايضا بحصر الأملاك الخاصة بالمغتربين خارج سورية والسيطرة عليها بدعوى حمايتها واستثمارها تحت بند ( قيد الاْمانة ) كالذي حدث في منطقة سلقين من ريف ادلب الغربي على سبيل المثال .
هذا اضافة الى عمليات السلب والنهب و التعفيش، فبحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان في ٢٠٢١/١/٢ تم رصد ورش هيئة تحرير الشام تقوم بتفكيك معدات صناعية وصفائح مباني المنشآت الصناعية في المنطقة القريبة من نقاط التماس مع قوات النظام على طريق سراقب - ادلب لبيعها كخردة في سوق إدلب .
اضافة الى نهب وسرقة الاْملاك العامة كسرقة خطوط الري وآليات حفر تابعة لسد قسطون وتفكيك محطة زيزون الحرارية وبيعها كخردة, ولا ننسى عمليات النهب والتعفيش للممتلكات المتبقية في بلدتي كفريا والفوعة بعد إجلاء سكانها باتفاق روسي تركي. و شملت عمليات التعفيش بحسب المرصد السوري في تقرير له بتاريخ ٢٠١٨/٧/٢٩، الآلات والجرارات الزراعية والسيارات ومحتويات المنازل، وقد قُتل اْثناء عمليات السرقة ( ٦ ) عناصر بعد انفجار ألغام كانت مزروعة في البيوت . وبعدها تم الاستيلاء على المنازل وإسكان النازحين من مناطق الغوطة فيها .
بدأت تركيا والفصائل الموالية لها حملتها على عفرين تحت مسمى غصن الزيتون في ٢٠١٨/١/٢٠ ومنذ اليوم الاول استهدفت العمليات العسكرية والقصف المرافق لها منازل ومنشآت مدنية وبنى تحتية ومرافق عامة، فقد تم تدمير مئات المنازل والمساكن والممتلكات العامة والخاصة، وشهدت المنطقة حركات نزوح كبيرة بداية من القرى نحو مركز مدينة عفرين ومن ثم الى خارجها , وتسبب الهجوم ومن ثم السيطرة على منطقة عفرين الى نزوح اكثر من ( ٣٠٠ ) ألف شخص من سكانها .
وبحسب تقرير للجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا الخاص بالدورة ( ٣٧ ) لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة تاريخ ٢٠١٨/٨/٩ الفقرة /٧٠/ :
فإن عدد النازحين بحلول ٢٠١٨/٣/١٨ عندما اْعلن رسميا عن الاستيلاء على منطقة عفرين بلغ أكثر من ( ٣٢٠ ) اْلف من الاْطفال والنساء والرجال سجل منهم قرابة ( ٩٨) ْألف في بلدات تل رفعت ونبل والزهراء .
الفقرة ( ٧١ ) -وقت كتابة هذا التقرير كان ( ١٣٨ ) ألف شخص لا يزالون في تل رفعت ونبل والزهراء ومجتمعات محيطة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن الهجوم والسيطرة تسببتا بتهجير أكثر من ( ٣١٠ ) آلاف عاد منهم في السنوات التالية ( ٢٥) ْألف، أي اْن اكثر من ( ٢٨٥ ) ألف شخص مازال مشردا في مناطق النزوح تحت سيطرة قوات النظام والقوات الكردية .
واستولت فصائل الجيش الوطني على منازل و ممتلكات المدنيين الكرد الذين لاذوا بالفرار مع اقتراب المعارك من قراهم وقاموا بتحويل منازلهم الى مقرات عسكرية ومستودعات لتخزين المسروقات او مساكن لإيواء المقاتلين و اسرهم من هذه الفصائل , ونصبت الحواجز و اغلقت قرى بأكملها امام عودة اهلها، اما لاستخدامها كقواعد عسكرية أو لاستحلالها من قبل الفصائل و خاصة في ناحيتي راجو و بلبل و مازالت هناك قرى خاوية تماما من أهلها ويقطنها فقط أفراد هذه الفصائل و عائلاتهم و النازحون من مناطق اخرى .
و تتحمل القوات الكردية وقوات النظام السوري أيضا المسؤولية في منع اْهالي عفرين من العودة لانها نصبت حواجز ومنعتهم من العودة ومن عاد اْضطر إلى دفع رشاوى بمبالغ كبيرة .
ويقدر عدد المتبقين في عفرين من سكانها الأصليين بحوالي ( ١٥٠ ) اْلف أغلبهم من الفئات العمرية الكبيرة, وتم توطين أكثر من ( ٢٧٠ ) ألف من عوائل عناصر الفصائل الموالية لتركيا من أرياف دمشق وحماه وإدلب وحلب ودرعا . تبعها توطين عشرات الالاف من ابناء ريف ادلب نزحوا بعد الاتفاق الروسي التركي و سيطرة النظام على سراقب والمعرة ومناطق اْخرى.
وأصبحت نسبة السكان الكرد في عفرين أقل من ( ٣٥% ) بعد أن كانت تتجاوز ( ٩٥% ) قبل عام ٢٠١١ . وحتى من استطاع العودة من اْهالي عفرين وجد ان منزله قد نُهبت محتوياته واحتله مقاتلون و افراد اسرهم، او ان الجماعات المسلحة قد استولت عليه لتستخدمه لأغراض عسكرية ( الفقرة ٦٥ تقرير لجنة التحقيق ( الدورة ٣٩ تاريخ ٢٠١٨/٨/٩ ) .
بعد اِحكام القوات التركية والفصائل الموالية لها سيطرتها على عفرين استمر مسلسل الانتهاكات و تفاقمت شيئا فشيئا حتى تحولت الحياة فيها الى جحيم لا يطاق وأصبح لا يمر يوم دون توثيق انتهاكات جديدة ,استخدمت فيه الفصائل كأداة لتنفيذ سياسة أمنية ممنهجة, الهدف منها التضييق على الأهالي لإرغام من تبقى منهم على النزوح لإكمال خطتها في تغيير الهندسة السكانية للمنطقة، عبر موجة من الاعتقالات و الخطف مقابل الفدية والاستيلاء على ممتلكات ونهبها واستنزاف الأهالي في مصادر رزقهم . وهذا ما أكدته أيضا لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في تقريرها المتعلق بالدورة ( ٣٩ ) تاريخ ٢٠١٨/٨/٩ . (( سيطرت تركيا وسط انتهاكات قامت بها من سلب ونهب وخطف و استيلاء على ممتلكات المدنيين وترهيبهم خلال الاشهر الاولى الامر الذي دفع الأكراد الى مغادرة عفرين )).
وشهد يوم ٢٠١٨/٣/١٨ عمليات نهب وسرقة واسعة لمحتويات المنازل والمحال التجارية والاليات والسيارات و معدات المعامل والمصانع وحتى الدجاج والمواشي في مشاهد تدمي القلب، وثقها ناشطون ومنظمات حقوقية في صور وأشرطة مصورة تناقلتها وسائل الإعلام العربية والدولية ومواقع التواصل الاجتماعي، في يوم سُمي واشتهر بيوم الجراد . واستمرت عمليات النهب والسرقة بوتيرة عالية جدا حوالي اسبوعين قبل ان تتراجع نسبيا مع ارسال تعزيزات من الشرطة العسكرية .
وتم تقسيم المنطقة الى قطاعات يتولى كل فصيل قطاع منها وكتبت عبارات على كل ما يجري الاستيلاء عليه ( مصادر لصالح الفصيل كذا ) لتثبت ملكيتها له وتمنع باقي الفصائل من الاستيلاء علي نفس العقار اْو الاْلية وقد حدثت حالات اقتتال واشتباكات بين الفصائل بسبب الخلاف على السرقات والقطاعات .
اضافة الى تنفيذ عمليات مداهمة يوميه للمنازل بحجة البحث عن أسلحة و خلايا نائمة وغيرها من الذرائع والقيام بتعفيش الممتلكات من مجوهرات وأموال وأجهزة الكترونية وحتى الهواتف النقالة و الآثار، ومع ارتفاع حدة النقد الموجه لتركيا وفصائل الجيش الوطني عملت تركيا على إنشاء قوة للشرطة العسكرية في المنطقة انتدبت عناصرها من الفصائل نفسها التي قامت بعمليات السرقة والنهب و نصبت حواجز لمنع نقل المسروقات الى مناطق اخرى دون ان تضبط الوضع و دون ان تحاسب اي شخص .
وقام الجيش التركي بجرف الحقول اما لإنشاء المعسكرات الثابتة لها و للفصائل أو توسعتها او بذريعة وجود مستودعات اْسلحة اْو مخابىء لخلايا وحدات حماية الشعب فيها، خصوصا في المناطق المجاورة للغابات و المناطق الحراجية اضافة الى جرف عدد كبير من المنازل واقتلاع المئات من أشجار الزيتون في جلبل و مريمين وكيمار لبناء جدار عازل لفصل عفرين عن محيطه السوري .
وكانت تركيا قد اْلحقت اْضرارا شديدة بالأراضي في عفرين قبل السيطرة عليها حيث قامت بتجريف مساحات زراعية و حراجية بعمق يتراوح من ( ٢٠٠ الى ٥٠٠ م ) بمحاذاة الشريط الحدودي على طول ( ١٣٥كم ) و بناء جدار اسمنتي عازل كما قامت بقلع اْلاف أشجار الزيتون إبان العملية العسكرية في مناطق راجو و شية و جنديرس بقصد اقامة قواعد عسكرية .
كما باشرت تركيا مؤخرا ببناء ( ٧ ) قرى نموذجية كمستوطنات خطوط ين النازحين القادمين من باقي المحافظات في قرية شاديرة في منطقة شيراوا و كفر صفرة وجنديرس وشيخ الحديد و موقع ليجة بين قرمتلق و جقلا و قرية حاج حسنا و قرية خالطا وقطمة وجبل الأحلام وشديا ومناطق أخرى , بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير لها بتاريخ ٢٠٢١/٥/١٤ وبحسب منظمات أخرى أكدت ذلك, وأكدت بأن قسم منها يبنى على قطع أرض تعود ملكيتها لسكان كُرد نازحين والقسم الآخر على أراضي مشاع وأملاك عامة . عبر مؤسسة ادارة الكوارث و الطوارىء التركية ومؤسسات تركية أخرى، بتمويل من دول خليجية كالكويت وقطر ومنظمات قطرية وكويتية وفلسطينية كالهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومقرها الكويت و جمعية الأيادي البيضاء وجمعية الإحسان للإغاثة والتنمية و خير الشام وجمعية البيان والايادي البيضاء والخوذ البيضاء و جمعية العيش بكرامة الفلسطينية وعرب فلسطين ٤٨ .
و سُميت احدى هذه المستوطنات قرية كويت الخير واخرى سُميت مدينة صباح الأحمد الخيرية وذلك في إطار خطة تركيا لاستكمال عمليات التغيير الديموغرافي للمنطقة و اْعتبر المركز السوري للعدالة والمساواة في تقرير له بتاريخ ٢٠٢١/٥/٦ أن تنفيذ هذه المشاريع هي مساهمة في عمليات التغيير الديموغرافي والتي هي النية الصريحة لتركيا ووكلائها من خلال تمويل بناء المستوطنات التي تعيق عودة السكان الأصليين والتي شردتهم القوات المدعومة من تركيا , ( قد يكون المانحين الأجانب متواطئين في النقل القسري للسكان ) وهي جريمة ضد الانسانية بموجب القانون الدولي. ومع مطلع عام ٢٠٢٢ صعد الاحتلال التركي من وتيرة إنشاء المستوطنات لا سيما في ظل الحديث عن توطين مليون لاجئ سوري في ما تسمى بالمنطقة الآمنة بعمق ( ٣٠ كم ) داخل الأراضي السورية وطلب الرئيس أردوغان في خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول ٢٠٢٢ التمويل ومساعدة الدول لتنفيذ مشروعه.
وقد سلطت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في عدة تقارير لها آخرها تقرير مطول لها بتاريخ ٢٠٢٢/٩/٢٠ الضوء على عمليات التغيير الديموغرافي و بناء المستوطنات غير القانونية في عفرين / جنديرس.
ونرى بدورنا ...أن الغريب في الأمر هو مشاركة منظمات فلسطينية في بناء المستوطنات وعمليات التغيير الديموغرافي رغم معاناتهم السابقة من ذات الامر والذين من المفروض أن يكونوا اول واكثر الناس تعاطفا مع ضحاياها في هذه المحنة. مع الإشارة الى أن القنصل العام الفلسطيني لدى كردستان العراق أكد في بيان له في أيلول ٢٠٢٢ وعقب تواصل نشطاء كرد معه، أكد بأن هؤلاء لا يمثلون القرار الوطني الفلسطيني.
ولم يتوقف الاْمر عند مصادرة منازل وممتلكات النازحين والمهجرين فقط وإنما طالت عمليات الاستيلاء اْيضا المنازل والمحال التجارية رغم وجود أصحابها . فقد قام قادة بعض الفصائل بالاستيلاء على المحال التجارية في عفرين واستثمارها وتاأجيرها لمصالحهم الشخصية اْو تأجيرها للنازحين من الغوطة الغربية والذين باتوا يستثمرون ( ٦٠% ) من المحلات التجارية في عفرين .
كما فرضت بعض الفصائل على من لم يغادروا مبلغ ( ١٠٠٠٠ ) ليرة سورية كضريبة شهرية سواء أكان قاطن البيت مالكاً أو مستأجرا وابتزاز البعض الآخر منهم بفرض اتاوات قد تصل إلى ( ١٠٠٠٠ ) دولار أمريكي قد يدفعها مضطرا مقابل بقائه في منزله .
هذا اضافة الى إخراج العائلات الصغيرة المكونة من شخصين اْو اْقل أو المؤلفة من نساء فقط من منازلهم عنوة لإسكان عوائل نازحة او مقرّبة من الفصائل كما حدث على سبيل المثال مع امرأة من قرية كوخرة التابعة لناحية المعبطلي , حيث أخرجوها من منزلها ووضعوها في خيمة نصبت لها جانب المنزل لأنها رفضت دفع مبلغ ( ١٠٠٠٠ ) دولار أمريكي مقابل ابقائها لعدم امتلاكها المبلغ .
وطرد فصيل السلطان مراد لعائلة كردية من منزلها قرب دوار معراتة في عفرين لعدم امتلاكها أوراق ثبوتية , كما عمد نفس الفصيل الى الاستيلاء على منزل ومحل تجاري بذريعة اْن ملكية العقار مسجلة بأسم والده المقيم في حلب ( بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان).
واْيضا حدث وأن طُردت فتاة كانت لوحدها بعد وفاة والدتها من منزلها في ناحية شيخ الحديد .
وقد بلغت عدد المنازل التي أٌخرج أصحابها منها في شيخ الحديد وحدها نحو ( ٦٠ ) منزلا وفقا لشهود عيان .
الآن وجب التنويه الى أن ما أتينا على ذكره آنفاً....ليست الا امثلة تكاد تكون بسيطة جدا مقارنةً بالواقع على الارض ومقارنةً حتى بحالات كثيرة جدا وثقها ناشطون ووثقتها منظمات حقوقية محلية ودولية بالاْسم والتاريخ والزمان والمكان.
اذ اْن المرصد السوري وحده وثق الآلاف من الانتهاكات بحسب تأكيدات مديرها رامي عبد الرحمن .
الزيتون هو المصدر الأساسي للدخل لنحو ( ٧٠ ) بالمئة من سكان عفرين إذ يبلغ إعداد أشجار الزيتون في عفرين نحو ( ١٨ ) مليون شجرة بالإضافة الى الأشجار المثمرة الأخرى والحبوب.
إلا أنها تحولت إلى مصدر ودخل للفصائل بعد حملة نهب منظمة مارستها .
إذ أن هيئة أركان الجيش الوطني السوري أصدر تعميما بتاريخ١٩/٩/٢٠١٨ موجها للفصائل إلى ترك مسؤولية قطف وعصر الزيتون للمجالس المحلية في كل منطقة، وفرضت هذه المجالس المحلية على المزارعين الحصول على رخصة لقطاف الزيتون، تتطلب إثبات الملكية وتقديم ( ١٠ ٪) من إنتاجها كضريبة لصالح المجلس ، و (٥٪) نسبة المعصرة.
أما بالنسبة لأصحاب الأراضي لغير الحاضرين أو الذين أوكلوا أقرباءهم فإن النسبة تتراوح ما بين ( ١٥ إلى ٣٠ ٪) بحسب المنطقة ودراجة قرابة الموكل، وحددتها أغلب المجالس ب ( ٢٠ ٪) هذا على الورق وحسب الصريح والمعلن،
اما على أرض الواقع فالوضع كان مختلفا وأسوأ، إذ لا ولم تلتزم الفصائل بهذه النسبة، وقامت بدايةً بإحصاء الممتلكات والأشجار في المنطقة التي تسيطر عليها،
ولا سيما تلك التي تعود ملكيتها لمن أسمتهم بأنصار ومؤيدي حزب الاتحاد الديمقراطي والادارة الذاتية قاموا بمصادرة تلك الممتلكات والمحصول كاملا لصالح الفصيل .
علما بأن تهمة الانتماء الى من سبق وأن أشرنا اليهم أو تهمة موالاتهم أو دعمهم، هي تهمة فضفاضة وتناسب جميع المقاسات ويمكن أن يلبسوها لأي شخص للاستيلاء على أملاكه , وفرض كل فصيل إضافة إلى نسبة المجالس المحلية ما يشاء من نسب وأتاوات تحت مسمى إرضاء الفصائل واختلفت من منطقة إلى أخرى بحسب المنطقة وبحسب الفصيل .
فعلى سبيل المثال :
فرضت فرقة الحمزات في قرية معراته على أهل القرية ضرائب تقدر ب( ٤٠٠٠ ) تنكة أو عبوة زيت (كل تنكة تحتوي على ١٦ لتر زيت ) مع شرط عدم اخراج الزيت وبيعه كله للفصيل الموجود في القرية .
وفي ناحية بلبل فرضت ضريبة تتمثل في( ١٠٠٠ )ليرة سورية عن كل شجره للسماح لهم بجني المحصول و تم بعده استبدال القرار ب ( ٣٠٠ ) تنكة زيت من إنتاج القرية .
وفي قرية قرمتلق فرض فصيل العمشات ضريبة تقدر بثمانية دولارات عن كل شجرة اضافة الى ( ١٥% ) بالنسبة للأشجار المملوكة للمهجرين .
وفي مناطق اخرى من ( ٢ - ٤ ) دولار عن كل شجرة وفي مناطق اخرى نسبة مئوية من المحصول بحسب شهود عيان .
وفي حالات اخرى قمنا بتوثيقها نحن مركز لكولين للدراسات والابحاث القانونية بالتواصل مع شهود عيان نتحفظ على ذكر الأسماء لأسباب تتعلق بسلامتهم , أكدوا لنا أن الفصيل المسيطر على القرية فرض نسبة ( ١٥% ) من الإنتاج لصالح الفصيل اضافه الى ( ١٠% ) نسبة المجلس المحلي.
هذا بالنسبة للمالكين الحاضرين أما بالنسبة للمتواجدين في تركيا وأوروبا فقد فرض الفصيل نسبة تصل الى ( ٥٠ % ) من المحصول أي نصفه, أما النازحون داخليا وخاصة المتواجدون في مخيمات تل رفعت والشهباء فقد تم الاستيلاء على كامل المحصول، بحجة أنهم موالون للحزب المعادي المشار اليه اعلاه, اضافه إلى ( ١٠% ) نسبة المعصرة بدل ( ٥% ) التي حددتها المجالس المحلية لأن صاحب المعصرة بدوره يدفع أتاوات كبيرة لقاء السماح له بتشغيل المعصرة.
وفي حالة أخرى قمنا بتوثيقها أيضا وبالتواصل مع أحد الأشخاص منع من العودة إلى قريته ويسكن في قرية مجاورة لقريته وله اخوان اثنان شقيقان لاجئين في أوروبا وموكل هو بإدارة املاكهما , يملك كل منهم حوالي ألف شجرة زيتون، أفادنا بأن الفصائل سمحت له في البداية بالقيام على خدمة اشجاره واشجار شقيقيه، وعندما حان موعد جني المحصول قامت الفصائل بجني كامل المحصول، و عندما حاول ان يعترض قاموا بطرده وهددوه بالقتل إن تفوه بكلمة اخرى .
اضافة الى اتاوات اخرى تفرضها الحواجز ونسب أخرى عند بيع الزيت ناهيك عن حالات الاستيلاء على المحصول او الزيت بقوة السلاح وسرقة المحاصيل و قطافها ليلا لان المنطقة تدخل في حالة تشبه حظر التجوال بعد مغيب الشمس بسبب انعدام الأمن مما مهد لانتشار السرقات، الأمر الذي دفع الأهالي المزارعين إلى الإسراع بجني محاصيلهم قبل نضوجها.
وذكر موقع بي بي سي نيوز في تقرير له بتاريخ ٢٠١٩/١/٢٠ أن الجماعات المسلحة تفرض أتاوات كبيرة على المزارعين بمسمى ارضاء الفصائل وفي احيان كثيرة تقوم بسرقة المحصول من الفلاحين بقوة السلاح حتى بعد أخذ الأتاوة. وأكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقريرها المتعلق بالدورة ( ٤٩ ) لمجلس حقوق الانسان بتاريخ ٢٠٢٢/٢/٨ (الفقرات ٨٨-٩١ )على مواصلة فصائل الجيش الوطني السوري شغل الاملاك في عفرين واستمرار انماط سلب الملكية ونهبها وشغلها ومصادرتها بسبل مختلفة منها فرض الضرائب ولا سيما خلال موسم حصاد الزيتون. وفي تقريرها الخاص بالدورة ( ٥١ ) تاريخ ٢٠٢٢/٨/١٧ ( الفقرات ٧٦ -٧٧ ) تحدثت عن مواصلة الجيش الوطني السوري الاستيلاء على الممتلكات بما فيها الأراضي الزراعية وعمليات اعتقال للأفراد وابتزازهم وفرض الرسوم عليهم، مما أجبر الكثير منهم في نهاية المطاف على مغادرة المنطقة. واعتبرت أن مصادرة الممتلكات الخاصة ترقى إلى حد النهب وهي جريمة حرب.
كما أن هذه الفصائل منعت اخراج الزيت من المنطقة مما ادى الى تدهور الأسعار وقامت الفصائل بشرائه بالتعاون مع تجار أتراك بأقل من نصف القيمة فعلى سبيل المثال قام فصيل جيش الاسلام بشراء ( ١٠٠٠٠٠ ) تنكة زيت في بلدة المعبطلي لوحدها و بنصف سعر السوق المحلي ( بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ), وبلغ إنتاج الزيتون عام ٢٠١٨ أكثر من (٢٧٠) ألف طن، بلغت قيمتها السوقية ( ١٩٠ ) مليون دولار، وبحسب موقع صحيفة بابليكو الاسبانية فان الحكومة التركية تستخدم عددا من الشركات الوسيطة لتصدير الزيت الذي يتم الاستيلاء عليه في عفرين الى اسبانيا .
وقد اعترف وزير الزراعة التركي في شهر تشرين الثاني ٢٠١٨ باستيلاء تركيا على محصول الزيتون في عفرين وقال خلال جلسات للبرلمان التركي اننا في الحكومة نريد ان نضع ايدينا على موارد عفرين بطريقة او بأخرى لكي لا تقع هذه الموارد في يد حزب العمال الكردستاني .
وكذلك فإن المحاصيل الزراعية الأخرى من حبوب وأشجار مثمرة تخضع لنفس النسب السابقة.
ورغم أن الجيش الوطني أصدر قرارا في ٢٠٢٠/١١/٢٤ منع بموجبه فرض الضرائب على الأشجار المثمرة وطلب إعادة الأموال التي أخذت من مالكي الأشجار المثمرة عن موسم العام الجاري ٢٠٢٢ خلال مدة أقصاها ١٠ أيام إلا ان القرار بقي حبرا على ورق ولم يلتزم به أحد من الفصائل.
وفي إطار سعي المجالس المحلية والفصائل للاستيلاء على ما تبقى من ممتلكات أهالي عفرين وبحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان بتاريخ ٢٠٢١/٣/٢ أن المجالس المحلية أصدرت قرارا يقضي بإيقاف جميع الوكالات الصادرة عن دوائر النظام السوري والمتعلقة بتوكيل الأهالي المهجرين من عفرين والمتواجدين في مناطق النظام لأقاربهم المتواجدين داخل عفرين، والمتضمنة صلاحية تفويضهم بإدارة ممتلكاتهم، حيث اشترطت ان تكون الوكالة صادرة من تركيا والدول الأوروبية .
وبهذا القرار لن يستطيع أحد أقرباء المهجرين قسرا من إدارة أملاك أقاربهم وستصبح جميع الممتلكات العائدة غنيمة للمهجرين من منازل وأراضي ومحال تجارية للمجالس المحلية التابعة لتركيا.
وكان المجلس المحلي لمدينة عفرين في بيان له في ٢٠١٨/١٠/٨ (وفيما بعد المجالس الأخرى) قد دعا أصحاب الأملاك مراجعة مكتب التوثيق العقاري مصطحبين معهم وثائق الملكية من أجل تصديقها وحتى من فقد الأوراق الثبوتية سيتم منحهم حق الملكية المؤقتة بعد إجراءات محددة من خلال المخاتير والشهود وذلك لإعادة تسجيل العقارات والأملاك الزراعية وبغية حصر أملاك الغائبين. ولأن الحصول على رخصة قطاف المحصول تتطلب إثبات الملكية . ورغم أن المجالس المحلية بذلت جهودا وفي الكثير من الحالات تم قبول توكيل أحد الأقارب من خلال مقطع فيديو وتثبيت ذلك من خلال الشهود والمخاتير ، إلا أن العملية تخللتها أخطاء وحالات تزوير واستيلاء غير قانوني كثيرة وربما لتوفير نية التعمد لدى البعض منهم في نزع الملكية ، حتى أن بعض العاملين في مجال تثبيت الملكية العقارية يرفضون الاعتراف بالوثائق الصادرة عن مؤسسات الإدارة الذاتية ويعترفون فقط بالأوراق الثبوتية الصادرة عن مؤسسات النظام, وهذا يعني أن البائع لعقار في فترة سيطرة الإدارة الذاتية يستطيع استعادة أملاكه كونها مازالت مسجلة على اسمه في سجلات النظام السوري. وذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقريرها الخاص بالدورة ( ٤٩ ) تاريخ ٢٠٢٢/٢/٢٨ (الفقرة ٩٠ ) ان العديد من المالكين الذين يعيشون في الخارج او النازحون داخليا قد واجهوا تحديات إدارية في إدارة ممتلكاتهم وتم الاستيلاء على محاصيلهم وبيعها رغم تقديمهم الوكالات اللازمة لإدارة املاكهم.
ناهيك عن تهمة موالاة حزب الاتحاد الديمقراطي وإمكانية توجيهها لأي شخص لتجريده من ممتلكاته وعدم التزام بعض الفصائل بهذه الوثائق أصلا.
ومن جهة أخرى تم قطع عشرات الآلاف من أشجار الزيتون والأشجار المثمرة والأشجار الحراجية المعمرة من قبل المليشيات والمستقدمين بغاية التحطيب وصناعة الفحم والتي أصبحت تجارة رائجة ومصدر دخل إضافي للفصائل حيث يتم بيعها للأهالي والنازحين أو نقلها وبيعها في مناطق ادلب ودرع الفرات.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان انخفضت المساهمة الحراجية في عفرين إلى النصف تقريبا بعد أن كانت إثنان وثلاثون ألف هكتار.
حسب تقرير لمنظمة حقوق الإنسان في عفرين بتاريخ ٢٠١٨/٨/١٣ يوجد في عفرين أكثر من مئتان وخمسون معصرة زيتون وعدد العاملة منها في موسم عام ٢٠١٨ هو مئة وواحد وتسعون معصرة تعرضت منها خمسة ووأربعون معصرة للسرقة والسطو المسلح وحتى التي ما زالت تعمل تعرضت قسم كبير من آلاته للسرقة واضطر أصحابها إلى جمع مبالغ مالية طائلة لاستعادتها وتسعة وخمسون معصرة مصيرها غير معروف بسبب شدة سطوة الفصائل عليها، وبعضها تعرض للتدمير نتيجة القصف كمعصرة عثمان إبراهيم في راجو.
والأمر ذاته ينطبق على معامل بيرين إذ يوجد في منطقة عفرين ثمانية عشر معملا، علما بأنّ إحدى عشرة منها مازالت تعمل وسبعة لا تعمل بسبب تعرضها للسرقة والسطو المسلح، وحتى التي تعمل جمع أصحابها أتاوات كبيرة للحفاظ عليها، إضافة إلى عشرة معامل صابون أغلبها توقفت عن العمل لتعرضها للسرقة ، إضافة لمعامل مواد البناء ومناشر الحجر،والتي عددها عشرون تقريبا ومعمل للكونسروة إضافة لعشرات ورشات الخياطة، أغلبها تعرض للسرقة ،وفرض واقع الحال على أصحاب هذه المعامل والمعاصر ،السعي إلى ضمان مصالحهم عبر إقامة نوع من الشراكة مع الفصائل وعناصرها، بحيث يتولى الفصيل حماية المنشأة التابعة للشريك بشكل مباشر أو غير مباشر مانعا الفصائل الأخرى من محاولة ابتزازها او سلبها مقابل مبالغ وحصة شهرية من الأرباح او مبلغ متفق عليه ،أما التي رفض أصحابها دفع الاتاوات، فقد بقيت مغلقة او تعرضت بشكل يومي لابتزاز الفصائل.
ولم تقتصر عمليات الابتزاز إزاء التجار الكرد فقط، بل وشملت أيضا التجار المهجرون الذين أقاموا معامل لمواد البناء والأدوات المنزلية .
وأمام هذا الكم الهائل والكبير من الانتهاكات وتعرض المعارضة السورية لإنتقادات واسعة، حاولت هذه الأخيرة تجميل صورتها بأن شكلت لجنة لرد المظالم حسب وصفها، وتشكلت عضويتها من عناصر الفصائل أنفسهم ،إلا أن تأثيرها كان ضعيفا للغاية لضخامة عدد الانتهاكات من جهة ونطاق عملها المحدد من جهة أخرى والذي يتركز في عفرين المدينة بينما يقل نشاطها في الريف.
كما ان إعادة الحقوق لأصحابها الأصليين يتوقف على قوة الفصيل المستولي على هذا الحق إذ أن بعض هذه الفصائل لا تقبل حتى التفاوض إضافة إلى قيام الفصائل بترهيب الأهالي ومنعهم من تقديم الشكاوى ضدها وحتى من يتجرأ ويتقدم بشكوى ضدهم، يتعرض الى مضايقات وحتى للاعتقال في الأيام التالية ويجبر على ان يقول بأنه حصل على حقه دون حدوث ذلك فعليا. وذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقريرها المتعلق بالدورة ( ٤٩ ) (الفقرة ٩١ منه ) انه رغم الشكاوي امام لجنة رد المظالم الا انهم احجموا عن اللجوء الى الآليات الرسمية المتاحة خوفا من انتقام فصائل الجيش الوطني السوري. وجمعت لجنة التحقيق عدة تقارير عن أعمال انتقامية قام بها الجيش الوطني السوري ضد مالكين قدموا شكاوي لاسترداد حقوقهم بما فيها التهديد اللفظي والضرب والاختطاف وفي إحدى الحالات قتل مزارع تمكن من استعادة املاكه من فصائل الجيش الوطني السوري. وتحدثت اللجنة في تقريرها للدورة ( ٥١ )تاريخ ٢٠٢٢/٨/١٧ في ( الفقرة ٧٦ منه )عن الخوف من الاعتقال في حالة المطالبة بممتلكاتهم امام لجنة رد المظالم واجبار الكثير منهم على سحب الشكاوي. وخطر التعرض لانتقام كتائب الجيش الوطني السوري التي قُدِمت الشكاوي ضد اعضائها لأن هذه الكتائب نفسها كانت معنية بعملية الشكوى والاسترداد.
وأكد لنا شاهد عيان أن لجنة رد المظالم جاءت إلى قريته وتم دعوة الأهالي للحضور من خلال مكبر الصوت في الجامع إلا أن أحدا منهم لم يحضر وذلك بسبب تجربتهم السابقة والمضايقات الكثيرة التي تعرض لها من تقديم الشكوى في المرة الماضية.
وأما دور القضاء في رد الحقوق إلى أصحابها فرغم إحداث خمس محاكم في عفرين جنديرس وشران وراجو معبطلي، فإن دورها هو دور ضعيف ولا يكاد يذكر وذلك بسبب طغيان دور الفصائل العسكرية التي تسيطر على كل شي في عفرين حتى تعيين القضاة يكون بالمشاركة مع تركيا ووفق أوامر وتوجيهات من استخباراتها.
وحتى لو أصدرت هذه المحاكم حكما ضد هذه الفصائل فإن مضمونها يبقى دون اي قيمة تذكر، بسبب غياب أو ضعف الضابطة العدلية والتي تعتبر الذراع التنفيذي للمحاكم. بدليل ما رأيناه بشأن الحكم الصادر بحق المدعو محمد الجاسم ( ابو عمشة ) قائد فصيل سليمان شاه وإخوته بتاريخ ٢٠٢٢/٢/١٦ ، حيث ورغم ثبوت الكم الهائل لانتهاكاته وجرائمه، الا ان الحكم الصادر كان صادما ومدعاة للسخرية، بعد أن اقتصر مضمونه على عقوبة نفيه هو وإخوته لمدة سنتين دون أية اشارة الى رد الحقوق او تعويض ضحاياه، والأكثر غرابة من كل ذلك، هوأن ذاك الحكم لم يُنفَذ حتى، وبقي ابو عمشة على رأس عمله وكأن شيئا لم يكن.
وقالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في تقريرها بتاريخ ٢٠١٩/٨/١٥ المدونة ( ٤٢ ) ( الفقرة ٦٥ منه) ان الهياكل الإدارية والتنفيذية إلى حد بعيد غير قادرة على معالجة المظالم الناشئة عن السلوك غير المشروع من جانب عشرات الجماعات المسلحة
وأشارت لجنة التحقيق الدولية
بتقريرها الصادر بتاريخ ٢٠٢٠/١/٢٨ موضوع الدورة ( ٤٣ )( الفقرة ٢١ منه ) إلى ورود الكثير من البلاغات والمظالم عن مصادرة الممتلكات ونهبها في منطقة عفرين بشكل واسع وإسكان مقاتلين من الجيش الوطني و أفراد من أسرهم في منازل فرّ منها سكانها الكرد وتقديم عقود ايجار للساكنين الجدد كما تحدث التقرير عن مطالبة أفراد الجيش الوطني للمواطنين الكرد الذين بقوا في منازلهم وأملاكهم سندات ملكية تثبت ملكيتهم لها و تقديم عقود إيجار للساكنين الجدد، كما تحدث عن طلب مقاتلين من الجيش الوطني، سندات ملكية من المالكين الكرد الذين بقوا في منازلهم، لافتا الى أنه في بعض الحالات لم يكن امام العائدين الكرد من خيار سوى تقاسم منازلهم مع افراد من مقاتلي الجيش الوطني الذين انتقلوا إليها.
وأضافت اللجنة أنه عندما اشتكى بعض المدنيين الى كبار الضباط لاستعادة أملاكهم قوبلوا بالتهديد والعنف، ودفع زيادة حجم مصادرة الممتلكات بالجيش الوطني الى إنشاء آلية للتظلم داخل هيكل الجيش الوطني، غير ان الاهالي اشاروا الى عدم فاعليتها ويضاف الى كل ما سبق قيام بعض قادة الفصائل بالاستيلاء على الأملاك الخاصة والعامة لإقامة مشاريع عليها ( مول ابو عمشه – اضافةً الى المشفى).
نعيد التأكيد على ... إنّ الانتهاكات التي أوردنا ذكرها تتعلق بالاعتداء على الملكية الخاصة اما الانتهاكات الاخرى من قتل وتعذيب واعتقال واختطاف فهي خارج إطار موضوع بحثنا وقد تطرقنا الى جرائم التهجير القسري والتغيير الديموغرافي لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بموضوعنا أو موضوع الملكيات، والكثير من هذه الجرائم تم توثيقها من المنظمات الحقوقية واللجان الدولية كمنظمة العفو الدولية في تقاريرها للأعوام ( ٢٠١٨- ٢٠١٩- ٢٠٢٠ -٢٠٢١- ٢٠٢٢).
فعلى سبيل المثال لا الحصر، كشفت المنظمة في تقريرها بتاريخ ٢٤ /١/ ٢٠١٨ عن مجموعة واسعة من الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعات المسلحة السورية التي تدعمها تركيا بالعتاد والسلاح و من بين تلك الانتهاكات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري ومصادرة الممتلكات و أعمال النهب وقد غضّت القوات التركية الطرف عنها ودعت تركيا الى انهاء الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وكذلك لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا وعبر تقاريرها الخاصة بدورات انعقاد مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ومنذ عام ٢٠١٨ ،أكدت على ارتكاب الفصائل الموالية لتركيا لجرائم حرب متمثلة في الاستيلاء على الممتلكات الخاصة وأعمال السلب والنهب.
• الدورة ٣٩ تاريخ ٩/ ٨/ ٢٠١٨ (الفقرة ٢٨ – ٣١ منه)
• تقرير الدورة ٤٠ بتاريخ ٣١/١/٢٠١٤ (الفقرة ٧١/٦٣)
• تقرير الدورة ٤٢ تاريخ ٢٠١٩/٨/١٥ (الفقرة ٥٩-٦٦ منه)
• تقرير الدورة ٤٣ تاريخ ١٨/ ١/ ٢٠٢٠ ( الفقره ٣٩-٤٤منه)
• تقرير الدورة ٤٥ تاريخ ٢٠٢٠/٨/١٤ ( الفقرة ٤٦-٦٩ منه)
• تقرير الدورة ٤٩ تاريخ ٢٠٢١/٢/٨ ( الفقرة ٨٨ – ٩١ منه)
• تقرير الدورة ٥١ تاريخ ٢٠٢٢/٨/١٧ ( الفقرة ٧٦ -٧٧ منه)
في التقريرالخاص بالدورة ( ٤٥ ) على سبيل المثال ذكرت في ( الفقرة ٤٦ منه) تثبت اللجنة من خلال الأنماط المتكررة والمنهج إلى أعمال السلب والنهب والقتل على الممتلكات فضلا عن سلب الحرية التعسفي الذي ارتكبته على نطاق واسع مختلف ألوية الجيش الوطني في منطقة عفرين وراس العين وبعد نهب الممتلكات المدنية احتل مقاتلو الجيش الوطني وعائلاتهم المنازل بعد فرار المدنيين منها أو قاموا في نهاية الأمر بإجبار السكان وأغلبهم من أصل كردي على ترك منازلهم من خلال التهديد والابتزاز والاختطاف والتعذيب والاحتجاز.
في (الفقرة ٤٧ ) ( في جميع أنحاء منطقة عفرين تشير عدة روايات إلى أن عناصر الجيش الوطني السوري عملوا بطريقة منسقة الى نهب املاك الاكراد والاستيلاء عليها، على سبيل المثال ( الفقرة ٦٩ ).
وكذلك منظمة هيومن رايتس ووتش تحدثت عن هذه الانتهاكات في عدة تقارير لها منذ عام ٢٠١٨ وعلى سبيل المثال كتبت في تقرير لها بتاريخ ١٤/ ٦/ ٢٠١٨ عن استيلاء جماعات مسلحة للجيش الوطني السوري على ممتلكات المدنيين ((ووردت أنباء عن استيلاء الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا على منازل السكان الأصليين من الكرد وتدمير الممتلكات ونهبها)).
وكذلك المنظمات الحقوقية المحلية ومنظمات المجتمع المدني وعلى رأسها المرصد السوري لحقوق الإنسان قامت كما سبق وان اذرنا اليه، بتوثيق آلاف الحالات وايصالها الى المنظمات والهيئات الدولية المختصة وحتى وسائل الاعلام العربية الاوربية والامريكية أصبح لديها في ارشيفها كم كبير من هذه الانتهاكات.
في مناطق رأس العين وتل أبيض او ما تسمى بمنطقة نبع السلام، لم يكن الوضع مختلفا كثيرا عن عفرين في بدأية الحملة العسكرية عليها في ٢٠١٩/١٠/٩ بعد انسحاب القوات الأمريكية منها، وتسببت بكارثة إنسانية تضاف إلى سلسلة الكوارث في سوريا، حيث ادت العمليات الحربية والقصف الكثيف المرافق لها الى تدمير سواء كلي أو جزئي للمنازل والمساكن والممتلكات الخاصة والعامة والى أضرار كبيرة بالبنى التحتية وأدت بطبيعة الحال إلى فرار السكان من منازلهم وخاصة بعد نشر عناصر من الفصائل المسلحة لمقاطع فيديو يهددون فيها الأهالي وخاصة الكرد منهم بالقتل و يصفونهم بالملاحدة والكفار.
علما بأنه وبعد رؤية أهالي تلك المناطق، ماذا حل بعفرين وخوفهم من ذات المصير.فقد تجاوز عدد النازحين ( ٣٠٠ ) ألف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا في تقريرها للدورة ( ٤٣ ) تاريخ ٢٠٢٠/١/٢٨ ان عملية نبع السلام أدت الى حركة نزوح جماعية وكان ( ١٠٠ ) ألف شخص بحلول ٢٠١٩/١١/١٠ أي بعد يومين فقط قد نزحوا من منازلهم وارتفع العدد الى ١٥٧ ألف بحلول ٢٢-١٠-٢٠١٩ بينهم ( ٨٠٠٠ ) طفل ورافقت العملية كالعادة انتهاكات واسعة وحملات سرقة و نهب ممتلكات الاشخاص النازحين شملت محتويات المنازل والمحال التجارية والسيارات والآليات الزراعية والمحاصيل والمواشي.
وبعد بسط سيطرتها القوات المحتلة على المنطقة بدأت سلسلة أخرى من الانتهاكات بحسب تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ ٢٢ /٤/ ٢٠٠١ بعد التواصل مع شهود عيان عرب وكرد تمثلت هذه الانتهاكات بالاستيلاء على الممتلكات العقارية دون وجه حق وطرد ساكنيها وخاصه الكرد منهم ودفعهم الى مغادره المنطقة قسرا بحجج وأساليب مختلفة، منها عدم حيازتهم لاوراق ثبوتية تثبت ملكيتهم، ووكذلك عبر ممارسات الاستيلاء بالترهيب والابتزاز بحجة الارتباط المزعوم مع الادارة الذاتية. وتمت كتابة عبارات على جدران العشرات من المنازل تحمل اسماء فصائل الجيش الوطني كدلالة على مصادره تلك الممتلكات وحدثت اشتباكات بين عناصر من الفصائل نتيجة خلافات على تقاسم المسروقات بالإضافة إلى حملات دهم وتفتيش المنازل وسرقة محتوياتها و مصادرة الهواتف النقالة، بحجة أنها وسيلة للتخابر مع قسد.
بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان وشملت عمليات السرقة أيضا محطات و محركات الديزل المخصصة لاستخراج المياه من الأبار والأدوات والمعدات والصهاريج من المشاريع الزراعية، ووصل بهم الامر بعد ان سرقوا كل شيء الى هدم البيوت الطينية القديمة لاستخراج الخشب منها وسرقتها وشملت عمليات السرقة الأملاك العامة أيضا، فعلى سبيل المثال، قاموا بالاستيلاء على ثمانية صوامع حبوب وافراغ محتوياتها ونقلها إلى تركيا، كما منعوا النازحين وخاصة الكورد منهم من العودة إلى ديارهم بل وارتكبوا جرائم بحق السكان الذين رفضوا النزوح من خلال حملات اعتقال وتعذيب وخطف مقابل الفدية و اتهامهم بالارتباط مع الادارة الذاتية لدفع من تبقى من الأهالي إلى مغادرة مناطقهم في إطار خطة منظمة من المخابرات التركية وأدواتها من الفصائل المسلحة لمواصلة عملية التغيير الديموغرافي في المنطقة، والتي تحدث عنها الرئيس اردوغان مرارا وتكرارا ومازال مصرّا عليها و المتمثلة بإنشاء منطقة آمنة يعيد اليها ثلاثة ملايين لاجئ سوري في تركيا ويقوم بتوطينهم فيها بعد طرد سكانها الأصليين .
وبالفعل قامت بتوطين عدد كبير من السوريين، غالبيتهم من محافظة ادلب تم نقلهم الى تركيا ومن ثم جلبهم من تركيا وتصويرهم على أنهم لاجئون يعودون الى ديارهم بعد تحريرها من الإرهاب حسب وصفهم.
وتحدثت لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا في تقريرها الخاص بالدورة ( ٤٣ ) تاريخ ٢٨-١-٢٠٢٠ في (الفقرات ٤٥- ٥٩ منه ) عن عملية نبع السلام والانتهاكات التي رافقتها واكدت تعرض المدنيين الى انتهاكات لا حصر لها لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني على يد مقاتلي الجيش الوطني السوري مع النمط الموثق في عفرين وبثت هذه الانتهاكات الذعر بين الأهالي الاكراد وتسببت في مزيد من النزوح.
(الفقرة ٥٤ )
و تعرضت ممتلكات اهالي تل أبيض ورأس العين للاستيلاء عليها قام بها عناصر الجيش الوطني السوري استهدفت في المقام الأول الأهالي الأكراد.
( الفقرة ٥٦ )
ورأت اللجنة أنه توجد أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن مقاتلي الجيش الوطني السوري ارتكبوا جريمة الحرب المتمثلة في القتل وارتكبوا مرارا جريمة الحرب المتمثلة بالنهب
وإذا تبين أن أي من أفراد الجماعة المسلحة يتصرف تحت إمرة القوات التركية وسيطرتها الفعلية، فقد تستتبع هذه الانتهاكات المسؤولية الجنائية للقادة الذين علموا أو كان يفترض أنهم على علم و لم يتخذوا التدابير اللازمة لمنع ارتكابها. (الفقرة ٥٩ ).
وأكدت في تقاريرها الخاصة التالية : بالدورة ( ٤٥ ) (صفحة ٤٩ - ٥١ - ٤٦ )على استمرار الانتهاكات واستمرار عمليات السلب والنهب.
وكذلك أكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها لعام ٢٠١٩ حدوث انتهاكات واسعة في عفرين و رأس العين . وكذلك في تقريرها لعام ٢٠٢٠-٢٠٢١ أكدت استمرار الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في عفرين و رأس العين بما فيها عمليات السلب والنهب والاستيلاء على المنازل والممتلكات أثرت بصفة خاصة على الأكراد الذين غادروا المنطقة وفي بعض الحالات صادر المقاتلون منازل المدنيين الباقين بعد ان مارسوا ضدهم مع الابتزاز والمضايقة والاختطاف والتعذيب لإرغامهم على المغادرة.
وفي تقريرها الخاص بالدورة ( ٥١ ) تاريخ ٢٠٢٢/٨/١٧ (الفقرة ٧٦ منه) أكدت على مواصلة الاستيلاء على الممتلكات بما فيها الأراضي الزراعية وعمليات اعتقال للأفراد وابتزازهم وفرض الرسوم عليهم مما أجبر الكثير منهم في نهاية المطاف على مغادرة المنطقة.
كما ان منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت في تقريرها بتاريخ ٢٠١٩/١١/٢٧ ان الجماعات المسلحة منعت عودة العائلات الكردية النازحة جراء العمليات العسكرية ونهبت ممتلكاتهم واستولت عليها أو احتلتها بصوره غير قانونيه.
وأكدت في تقرير لها بتاريخ ٢٠٢١/٢/٣ أن تركيا سلطة احتلال وعليها أن تحترم حقوق الشعب بموجب قانون الاحتلال .
وغيرها الكثير من التقارير لمنظمات محلية ودولية كالمرصد السوري لحقوق الانسان ومنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة وغيرها .
الوضع في منطقة درع الفرات أفضل بكثير مقارنة بمناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض .
فباستثناء بعض حالات السرقة والنهب التي رافقت العملية العسكرية وبعض الأضرار التي لحقت بالمباني والممتلكات فإن الانتهاكات كانت قليلة ويمكن اعتبارها حالات فردية، اذ لم تكن ممنهجة أو على نطاق واسع كون أن جلّ المقاتلين الذين شاركوا في عملية درع الفرات هم من أبناء المنطقة ذاتها وهناك روابط عائلية وعشائرية , كما أن سياسة تركيا على المستوى الأمني كانت متباينة فقد كانت لينة في منطقة درع الفرات لذلك كانت الفصائل المسلحة على درجة من الانضباط بينما كانت سياسة تركيا في عفرين بغاية القسوة وبدرجة أقل في مناطق نبع السلام فأطلقت يد الفصائل في المناطق الكردية، اذ ان السياسة التركية تتناسب مع نسبة السكان الكرد في المنطقة لأنهم هم المستهدفون في كل عملياتها .
ناهيكم عن أن المعارك في منطقة درع الفرات لم تكن بهذه الشراسة وأغلبها كانت وحسب تأكيد مراقبين ،عبارة عن عمليات تسليم واستلام بين تركيا وربيبتها داعش ، فمدينة جرابلس تمت السيطرة عليها خلال ثلاث ساعات ودون قتال، لذلك لم تكن الأضرار التي لحقت بالمباني والممتلكات كبيرة. ورغم ذلك كانت هناك انتهاكات فردية ومحدودة على حق الملكية الخاصة.
ونقل تلفزيون اورينت المقرب من المعارضة ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي في أيلول ٢٠٢٢ مظاهرات في مدينة الباب ضد المدعو فادي الديري القيادي في فصيل ملكشاه لاستيلائه على العديد من المزارع والمساكن ورفضه اعادتها لأصحابها رغم المطالبات والشكاوي الا انها تبقى حالات محدودة كما قلنا.
مما سبق يتضح لنا جليّاً أن القوات التركية والفصائل الموالية لها ارتكبت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني في المناطق التي تسيطر عليها، وجرائم الحرب المتمثلة بتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها بطرق ممنهجة وعلى نطاق واسع ولمدة أكثر من ثلاث سنوات، و جريمة الحرب المتمثلة بالنهب في إطار نزاع مسلح بحسب المادة ( ٣٨ ) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام ١٩٩٨ والمادة ( ٥٣ ) من اتفاقية جنيف الرابعة .
كما ارتكبت جرائم ضد الانسانية بتهجير قسري للسكان بحسب المادة ( ٧٧ ) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمادة ( ٤٩ ) من اتفاقية جنيف الرابعة, وجريمة الابادة الجماعية بحسب المادة ( ٦ ) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كون جرائمها وانتهاكاتها تستهدف جماعة عرقية أو قومية معينة وهم الكرد .
وثقت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية آلاف الحالات منها و لا خلاف على ارتكاب هذه الجماعات المسلحة للانتهاكات ولكن الخلاف على دور تركيا فيها ومدى مسؤوليتها عنها وهل تملك سيطرة فعلية على الأرض أم أن دورها يقتصر فقط على التمويل والتسليح, اذ إن لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية قالت في تقريرها بتاريخ ٢٠١٨/٨/٩ أن اللجنة لم تكن قادرة على أن تؤكد بدقة إلى أي مدى كانت عفرين وضواحيها خاضعة لسيطرة القوات التركية و أنها تحت القيادة والرقابة الفعلية للقوات التركية وان هذه الانتهاكات يمكن أن تنسب للقادة الأتراك .
وقالت أن شهودا أكدوا لها أن القوات التركية كانت على مقربة من أماكن السرقة والنهب ولكنها لم تفعل شيئا.
وفي تقريرها التالي في عام ٢٠١٩ قالت أن اللجنة لا تزال غير قادرة على وجه الدقة من معرفة فيما إذا كانت تركيا قادرة على ممارسة السلطة الفعلية.
وفي تقريرها بتاريخ ٢٠١٩/٨/١٥ قالت ان السلطات التركية تتحكم في الهياكل الإدارية والقضائية والتنفيذية و تنسق شؤونها و تمولها وان السلطات التركية تعين القضاة والمحامين.
وفي تقريرها بتاريخ ٢٠٢٠/٤/١٨ ورد أن تركيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها الفعلية (( تتحمل قدر الامكان ضمان النظام والسلامة العامة و توفير حماية خاصة للنساء والأطفال )) ;وأن تركيا كانت على علم بحوادث النهب وكانت موجودة في مرافق الاحتجاز وشهدت التعذيب وسوء معاملة المحتجزين وبذلك تكون قد انتكهت التزاماتها، ودعتها الى بذل الجهد لضمان النظام العام ووقف أعمال السرقة والنهب وعدم استعمال منازل وممتلكات المدنيين لأغراض عسكرية .
ونلاحظ أن لجنة التحقيق تدرجت في تحميل تركيا المسؤولية عن هذه الانتهاكات ووصلت أخيرا أن تركيا تسيطر سيطرة فعلية على هذه المناطق و قادرة على وقف الانتهاكات كما أنها أقرت ضمنيا بان تركية سلطة احتلال لان الالتزامات التي تحدثت عنها هي من التزامات سلطة الاحتلال التي وردت في المادة ( ٤٣ ) من الأنظمة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحق باتفاقية لاهاي الرابعة ١٩٠٧/٨/١٨, وفي المواد ٧٦ -٧٧ من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة .
وربما الضغوطات الدولية والمصالح الدولية تحول دون أن تقول بشكل صريح أن تركيا سلطة احتلال ومسؤولة عن الانتهاكات كما فعلت منظمة العفو الدولية التي وصفت بشكل صريح الوجود التركي في شمال سوريا بأنه احتلال وأن تركيا مسؤولة عن الانتهاكات في تقريرها بتاريخ ٢٠١٨/٨/٢٠ وفي تقرير آخر لها بتاريخ ٢٠١٩/١٠/١٨ . وأن هناك أدلة دامغة على ارتكاب القوات التركية والجماعات المسلحة المتحالفة معها جرائم حرب وأكدت على لسان امينها العام كومي نايدو ان تركيا مسؤولة عما تقوم به الجماعات المسلحة السورية التي تدعمها وتسلحها وتوجهها . وحتى الآن منحت تركيا الجماعات المسلحة حرية ارتكاب انتهاكات جسيمة في عفرين و في مناطق أخرى ودعت تركيا الى وضع حد للانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها وتوفير الحماية للمدنيين الذين يعيشون تحت سيطرتها . ولا يمكن لتركيا التملص من المسؤولية عن طريق إسناد ارتكاب جرائم حرب إلى الجماعات المسلحة .
واعتبرت كذلك منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها بتاريخ ٢٠٢١/٢/٣ أن تركيا سلطة احتلال ومسؤولة عن الانتهاكات التي تجري، وعليها أن تحترم حقوق الشعب بموجب قانون الاحتلال .
كما أن مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشلييت قالت في تصريح لها بتاريخ ٢٠٢٠/٩/١٨ أدعو السلطات التركية إلى احترام القانون الدولي وضمان وقف الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة الخاضعة لسيطرة تركيا الفعلية . وذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقريرها المتعلق بالدورة ( ٤٩ ) تاريخ ٢٠٢٢/٢/٨ (الفقرة ٩٢ منه) أن تركيا تتحمل المسؤولية عن ضمان النظام العام والسلامة العامة وتوفير حماية خاصة للنساء والاطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها الفعلية ومسؤولة عن انتهاكات الجيش الوطني السوري اذا لم تتدخل القوات التركية لوقف هذه الانتهاكات.
ولا شك أن تركيا مسؤولة مسؤولية مباشرة وكاملة عن الانتهاكات والجرائم في المناطق التي تسيطر عليها. اذ أن وجودها في شمال سوريا هو احتلال مكتمل الأركان بموجب ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية لاهاي لعام ١٩٠٧ وخاصة المادة ( ٥٢ منها ) واتفاقيات جنيف الأربعة لعام ١٩٤٩, وهي تفرض سيطرتها الفعلية والعسكرية والإدارية على المناطق التي احتلتها، وتمارس فيها أنشطة سيادية من خلال رفع العلم التركي على جميع المقررات العسكرية والأمنية ومباني المؤسسات الإدارية والتعليم إضافة إلى ربط المؤسسات الإدارية والصحية والاقتصادية والزراعية والتعليمية والاتصالات والكهرباء بالمؤسسات والدوائر التركية وتدير المناطق عبر مجالس ولجان تحت إمرة موظفين واداريين وولاة محافظاتها المتاخمة لها و تعين القضاة والموظفين وتدفع رواتبهم ويعملون تحت إشراف ضباط الجيش والاستخبارات التركية ,كما أنها هي التي تمول الفصائل المسلحة وتدربهم وتسلحهم وتوجههم وتدفع رواتبهم و تضع العلم التركي على لباسهم و مقراتهم وتضع الخطط للعمليات العسكرية وتوفر لهم الغطاء الجوي في العمليات العسكرية ويشاركهم جنود أتراك على الأرض و يعملون تحت إمرة ضباط أتراك , وما هذه الفصائل إلاِّ أداة بيد تركيا لتنفيذ سياسة أمنية مخططة وممنهجة هدفها الحفاظ على تعتقده تركيا بالأمن القومي التركي من خلال إطلاق يد الفصائل في المنطقة لتعيث فيها فسادا ولتهجير من تبقى من السكان لإكمال مشروعها في التغيير الديمغرافي للمنطقة من جهة ومن جهة أخرى تورطهم بجرائم وانتهاكات وبالتالي ارتهانهم وتحويلهم إلى مرتزقة وإرسالهم إلى مناطق أخرى لتنفيذ السياسات التركية فيها كما فعلت عندما أرسلتهم الى ليبيا وأذربيجان .
واستنادا إلى ذلك فإن تركيا تتحمل كامل المسؤولية عن الأوضاع السائدة في المنطقة ( انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ) لأنها لم تلتزم بواجباتها كسلطة احتلال والمحددة بشكل أساسي في لائحة لاهاي لعام ١٩٠٧ المواد ( ٤٢ - ٥٦ ) واتفاقية جنيف الرابعة، المواد ( ٢٧ - ٣٤ و ٤٧ – ٧٨ ).
إضافة إلى بعض أحكام البروتوكول الأول الملحق باتفاقية آليات جنيف ( ٤٨ ) والقانون الدولي الإنساني العرفي والتي تفرض على المحتل جملة من الواجبات والالتزامات ومن هذه الالتزامات المتعلقة بموضوع بحثنا :
-اتخاذ تدابير لاستعادة وضمان النظام والسلامة العامة بقدر الإمكان - تحظر عمليات نقل السكان المدنيين التابعين لسلطة الاحتلال إلى الأرض المحتلة.
- تحظر عمليات النقل الجماعي أو الفردي للسكان من الأرض المحتلة أو ادخالها - تحظر العقاب الجماعي - تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص وممتلكاتهم - تحظر مصادرة الممتلكات الخاصة بواسطة المحتل- تحظر تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدبير أمراً تستدعيه الضرورة العسكرية المطلقة أثناء مباشرة الأعمال العدائية - تحظر تدمير الممتلكات الثقافية - تحظر سلب الأموال .
كما ان الائتلاف السوري المعارض والحكومة السورية المؤقتة تتحمل أيضاً المسؤولية عن هذه الانتهاكات كون هذه الفصائل ترتبط بها بهيكلية تراتبية عن طريق وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة كما أنها تشكل الغطاء السياسي لهذه الفصائل .
كما أن تركيا لم تلتزم بمضمون قرار مجلس الأمن ( ٢٢٥٤ ) لعام ٢٠١٥ من حيث اتخاذ الخطوات الملائمة لعودة المدنيين وتهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا الى مناطقهم الاصلية وتأهيل المناطق المتضررة وفقا للقانون الدولي .
وفي النهاية نخلص الى نتيجة مفادها أن لا أيادي نظيفة في سورية وأن جميع أطراف النزاع ارتكبت و بنسب متفاوتة مختلف أنواع الجرائم والانتهاكات ( جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية ) وهذا ما أكدته لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في تقرير لها بتاريخ ٢١ /١/ ٢٠٢١ بمناسبة اقتراب الذكرى العاشرة لبدء الصراع في سورية، إذ قالت : (( ارتكبت القوات الحكومية وتنظيم الدولة الاسلامية و هيئة تحرير الشام جميعاً جرائم ضد الانسانية و ارتكبت جميع الأطراف جرائم حرب وانتهاكات وتجاوزات لقانون حقوق الإنسان)).
الحرب التي امتدت لأكثر من عشر سنوات وخلفت التدمير والخراب لأكثر من ( ٢٧% ) من مباني البلاد والانتهاكات الواسعة و الجسيمة التي طالت المساكن والأراضي والممتلكات ولاسيما مع التغير المستمر لخارطة النفوذ السياسي والعسكري وتناوب أطراف النزاع السيطرة على المناطق وما رافق ذلك من عمليات تهجير قسري و تغيير ديموغرافي ونزوح ولجوء وخسارة ملايين السوريين لأملاكهم جراء تدميرها او سلبها او مصادرتها, جعلت الحاجة ملحة لإيجاد حل شامل لهذه الانتهاكات و ردّ الحقوق الى أصحابها الأصليين نظراً لما يحمله هذا الموضوع من أهمية في مسار الحل السياسي والعدالة الانتقالية وعودة اللاجئين . اذ سيكون من الصعب الحديث عن عودة اللاجئين والمهجرين الى ديارهم وخلق بيئة آمنة واعادة الإعمار واعادة السلم والأمن الاجتماعي بدون استعادة هؤلاء لممتلكاتهم التي فقدوها تعسفا أو التعويض عنها في حال تعذر إستعادتها ,إذ إن ردّ الممتلكات أو التعويض عنها يمثل أساسا لأي اتفاق بعد النزاع .
ولا ننكر أن الأمر سيكون معقدا للغاية في سوريا وسنواجه تحديات هائلة تتعلق بإثبات الملكية بسبب طول أمد الحرب والتهجير الهائل لما يقارب نصف السكان وضياع سجلات الملكية أو تعرضها للتلف وفقدان الكثير من السوريين لوثائق وسندات ملكيتهم ووفاة وتغييب الكثير منهم قسريا إضافة لآلاف عمليات البيع والشراء غير الرسمية بموجب عقود البيع التي لم توثق أو التي تم توثيقها لدى إدارات غير معترف بها ومعاملات البيع والشراء القسرية والتي تمت تحت الإكراه أو بالتزوير وحالات الاشغال بحسن نيه أو بسوء نية.
كل ذلك سيجعل العملية صعبة ومعقدة للغاية , ولكن لا شيء مستحيل مع توفر الإرادة الجادة لدى أطراف النزاع لحل هذه المشكلة ومعالجة آثارها. كما يمكننا الاستفادة من التجارب السابقة لبلدان عاشت ظروفاً مشابهة للوضع السوري في رد الممتلكات لأصحابها . ولعل أبرزها تجربة البوسنة والهرسك والتي يعتبرها البعض الحالة النموذجية والتي انتهى النزاع فيها بموجب ( اتفاق دايتون ) الذي أصبح فيما بعد دستورا للبلاد وتم كتابة ملحق خاص اعتبر جزءاً من الدستور عالجوا فيه بشكل مفصل مشكلة الممتلكات التي فقدها أصحابها خلال الأعمال العدائية ونص في المادة الأولى منه : على حق جميع اللاجئين والمشردين من العودة إلى مواطنهم الأصلية بحرية وبأن يكون لهم الحق في أن تعاد إليهم ممتلكاتهم التي حرموا منها بسبب الأعمال العدائية التي جرت منذ عام ١٩٩١, وأن يعوضوا عن أي ممتلكات لا يمكن اعادتها اليهم وأن الهدف المهم من أهداف تسوية النزاع هو العودة السريعة للاجئين والمشردين وعلى الأطراف المتعاقدة أن تسمح للاجئين بالعودة بأمان دون التعرض لخطر المضايقة أو التخويف أو الاضطهاد أو التمييز و خصوصاً بسبب أصلهم العرقي أو معتقدهم الديني أو آراءهم السياسية كما ألزمت الأطراف المتعاقدة بضمان السماح بعودة اللاجئين المشردين دون أي تمييز.
كما نص على ذلك دستور البوسنة والهرسك الذي أضاف : أن جميع الإجراءات والوثائق والالتزامات التي جرت تحت الإكراه خلال فترة النزاع باطلة .
وتحدث بالتفصيل عن آليات تشكيل اللجنة المختصة بالنظر في رد الممتلكات ومهامها وآلية عملها وعدم ترك هذه المسائل القانونية للسلطة الحاكمة التي قد تسنها وفق مصالحها وأيضا أعطت حصانة لهذه اللجنة وأعفتها من أي مسؤولية جزائية أو مدنية قد تنشأ بسبب الأعمال التي يقومون بها في نطاق واجباتهم لحمايتهم من الضغوط التي قد تمارس عليها من قبل القوى المتنفذة .
ومن التجارب التي يمكن الاستفادة منها أيضا تجربة كولومبيا إذ أصدرت في عام ٢٠١١ قانون تعويض الضحايا واعادة الأراضي رقم ( ١٤٤٨ ), والذي يُمكّن الذين جُردوا من ممتلكاتهم في سياق النزاع المسلح سواء بمصادرتها أو بإجبارهم عن التخلي عنها من المطالبة باستعادة ممتلكاتهم .
كما يسمح هذا القانون في المادة ( ٧٢ ) للعائلات التي لم تكن تمتلك أراضيها رسميا وقت تهجيرها ولكن كانت تشغلها و تحوزها بطريقة مشروعة أن تحصل على حق ملكيتها ضمن عملية اعادة الأراضي.
كما يتيح هذا القانون استخدام أدلة متنوعة وغير تقليدية لدعم ادعاءات الاستعادة نظرا لأن الكثير منهم فقدوا الأوراق الثبوتية بسبب تعرضهم للتهجير القسري .
ويفترض عدم وجود الموافقة على عمليات نقل الملكية عندما يكون الطرف الآخر من المنتمين الى الجماعات المسلحة غير الشرعية أو المتعاونين معها أو مموليها.
كما يسمح للقاضي الافتراض أن المعاملات العقارية لم تكن بالتراضي في الحالات التي يكون فيها المبلغ المدفوع أو المذكور في العقد أقل من ( ٥٠% ) من القيمة الحقيقية للعقار ما لم تثبت الأدلة على غير ذلك . وكذلك عندما تكون المعاملات العقارية حصلت في فترة كان فيها التهجير القسري الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأعمال العنف مستشرية في المنطقة .
و ينظر إلى عملية نقل الملكية على أنها باطلة ما لم يثبت أن المعاملات قد حصلت بالتراضي بين الطرفين المادة ( ٧٧ ). وكذلك عندما تنتقل ملكية العقار إلى شخص ثالث حسن النية يجب أن يثبت أنه حصل على العقار بطريقة شرعية ومقابل سعر عادل , و بأنه لم يكن يعلم أن البائع ليس المالك الشرعي للعقار وفي هذه الحالة سيتم تعويض الحائز حسن النية في حال تم رد العقار إلى مالكه الأصلي ,وفي حال فشل في ذلك سيعتبر سيء النية و لن يتم تعويضه في حالة رد العقار إلى مالكه الشرعي .
أي أن عبء الإثبات تم نقله إلى المدعى عليه الذي تملّك خلال الحرب خلافا للقاعدة العامة .
وهناك تجارب لدول أخرى كجنوب أفريقيا والعراق وتونس والسودان ورواندا يمكن الاستفادة منها وأخذ ما يناسب الوضع السوري منها .
وحيث أن موضوع رد الممتلكات يعتبر من المواضيع الهامة والحساسة بما يتضمنه من أبعاد سياسية ومصيرية لملايين السوريين وسيؤثر إلى حد كبير في نجاح العملية السياسية برمتها ويضمن الاستقرار في المستقبل فإننا نوصي :
- أن يُطرح موضوع رد الممتلكات على طاولة أية مباحثات للتسوية في سوريا وأن يُمنح الأولوية كأحد موضوعات العدالة الانتقالية وأن يتضمن أي اتفاق للحل ضمانات حقيقية لحماية ممتلكات السوريين وردها لأصحابها وتعويض من تضرر .
- ان يتضمن الدستور السوري الجديد موضوع رد الممتلكات بشيء من التفصيل من خلال ملحق يعتبر جزءا منه ( كما في البوسنة ) يُضمن حق الملكية و يُعالج عمليات نزع الملكية التي تمت في فترة النزاع .
- تأسيس هيئة مستقلة معنية باسترداد الملكية ومكلفة بتلقي الدعاوى والتحقيق فيها واتخاذ قرار بشأنها ( على غرار البوسنة ) على أن تكون قراراتها قابلة للطعن أمام المحاكم .
- النص في الدستور على سمو القوانين والعهود والمواثيق الدولية على القوانين الداخلية وعلى اعتبار مبادئ ( بينيرو ) جزء لا يتجزأ من القوانين الداخلية .
- تشكيل لجنة للنظر في القوانين السالبة للملكية أو التي تقيدها لتعديل ما يمكن تعديله أو إلغائها. إضافة إلى إلغاء القوانين الاستثنائية التي قد تعيق اعادة الحقوق الى أصحابها مثل القانون رقم (١٤) لعام ١٩٦٩ والذي يمنح عناصر الأمن والمخابرات الحصانة من الملاحقة القضائية.
- اعتبار أن رد الممتلكات هو الأساس وعدم اللجوء إلى التعويض المادي إلاّ في حالة استحالة الرد العيني .
- ان يتضمن الحل السياسي معايير وشروط توفير البيئة الآمنة للعودة الطوعية للاجئين والنازحين وجعل عملية استرداد الممتلكات متاحة للجميع.
- تشكيل لجنة مستقلة لدراسة المشاريع الاستثنائية التمييزية بحق المواطنين الكرد السوريين وخاصة مشروع الحزام العربي والتي أفضت إلى الاستيلاء على ممتلكات الناس إضافة إلى التجاوزات التي رافقت تطبيق قانون الإصلاح الزراعي، على أن تدرس أيضاً قضية أصحاب الأراضي التي غمرتها مياه بحيرة الأسد ( الغمر ) وتم استقدامهم إلى منطقة الجزيرة وكانوا أيضا ضحايا مشروع عنصري من قبل الحكومة البعثية و تعويض جميع المتضررين تعويضا عادلا .
- إيجاد الحلول لمشكلة السكن العشوائي والملكية الشائعة من خلال قوانين تحقق التوازن بين إعادة الإعمار وحقوق الشاغلين والمالكين.
مركز ليكولين للدراسات والابحاث القانونية
ألمانيا/٢٠٢٢
جميع الحقوق محفوظة
المعاهدات والمواثيق الدولية:
-الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام1948 - الاتفاقيه الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري 1965 -اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 -البروتوكول الاضافي الاول الملحق باتفاقيات جنيف - نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 - إتفاقية لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 -الاتفاقية الأمريكية لحقوق الانسان لعام1969 - الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام1950 -الميثاق العربي لحقوق الانسان لعام 2004 -الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب لعام 1981 - قرار مجلس الامن 2254 لعام 2015 _ القواعد العرفية للقانون الدولي الانساني والمعدة من قبل اللجنة الدولية للصليب الاحمر مبادئ بينيرو ( المقرر الخاص للامم المتحدة ) _ اتفاقيه داتيون للسلام في البوسنة والهرسك لعام 1995 _ قانون تعويض الضحايا وإعادة الأراضي في كولومبيا رقم 1448 لعام 2011